للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أريد أن أدخل في تفاصيل هذا الباب فهو واسع ومتشعب، والآراء فيه كثيرة، فلا نستطيع في هذه العجالة أن نعطيه حقه من البحث والإيضاح، إذ إن له أهلا يعرفون ضوابطه وشروطه ودرجاته الشرعية، يجب الرجوع إليها عند إرادة التغيير، لكنك أيها الداعية بإمكانك الجهر بالدعوة إلى الله، وبيان أن هذا هو الدين الحق لجميع البشر، حتى ولو كنت في مجتمع كافر أو دولة كافرة أو نظام كافر، فالجهر بهذا الدين وإعلانه في أي مكان، وزمان واجب على كل مسلم أينما كان وحيثما حل، كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو وسط المشركين يدخل عليهم في منتدياتهم، وفي أماكن تجمعهم حتى إنه ينتهز الفرص التي فيها التجمع أكثر، وأكبر مثل مواسم الحج وغيرها، وكان ينادي في المشركين في مكة حتى إذا ما اجتمعوا حوله قال: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" حتى دخل الناس في دين الله أفواجا. إن الداعية يجب أن يكون حكيما في دعوته، وتعامله مع الأفراد والجماعات والدول، وألا يتدخل فيما لا يعنيه من انتقاد، أو سب لفرد أو جماعة أو نظام، قال الله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} ١ الآية إذا على الداعية أن يقوم بما أوجب الله عليه من أمور الدعوة مع استصحاب الدليل من الكتاب والسنة، وأقوال أئمة سلف الأمة في كل ما يقول، وفي كل ما يأمر به أو ينهي عنه، ولا يدخل في المسائل الخلافية التي لا يستطيع الإقناع بما هو صواب فيها، ولا يتدخل في بعض المخالفات التي لا يستطيع تغييرها ولا الحد منها، فيتركها لمن هو أقدر منه وأعلم، وعلى الداعية إلى الله أن يهتم بدعوة الناس إلى


١ سورة الأنعام: من الآية ١٠٨.

<<  <   >  >>