للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) ، فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى اذا بلغ: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى الشيطان عليه كلمتين: «تلك الغرانيق العلا* وان شفاعتهن لترتجى» ، فتكلم بهما، ثم مضى فقرا السورة كلها، فسجد فى اخر السورة، وسجد القوم معه جميعا، ورفع الوليد بن المغيرة ترابا الى جبهته، فسجد عليه- وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود- فرضوا بما تكلم به، وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيى ويميت، وهو الذى يخلق ويرزق، ولكن الهتنا هذه تشفع لنا عنده، فاذا جعلت لها نصيبا فنحن معك. قالا: فلما أمسى أتاه جبرائيل عليه السلام، فعرض عليه السورة، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه، قال: ما جئتك بهاتين! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

افتريت على الله، وقلت على الله ما لم يقل، فأوحى الله اليه: (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) الى قوله: (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) ، فمازال مغموما مهموما، حتى نزلت: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) - الى قوله: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .

قال: فسمع من كان بأرض الحبشة من المهاجرين أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، فرجعوا الى عشائرهم، وقالوا: هم أحب الينا، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان» *.

وفى شرحه للاية ٥٢ من السورة رقم ٢٢ (الحج) «٣» يذكر لنا الطبرى عددا من الروايات الاخرى حول هذا الموضوع، منها روايتان للمدعو أبو علية، وهما روايتان مهمتان لاحتوائهما على تفصيلات ليست فى الروايات الشائعة، وفيما يلى نص ما ورد فى تفسير الطبرى**:

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)) .


* الطبرى، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، ص ٥٥٠ وما بعدها.
(٣) ج ١٧، ١١٩- ١٢١.
** اثرنا نقل النص كما هو باسناده كما ورد فى تفسير الطبرى، لا ترجمة من كلمات المؤلف.

<<  <   >  >>