قيل: ان السبب الذى من أجله أنزلت هذه الاية على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن الشيطان كان ألقى على لسانه فى بعض ما يتلوه مما أنزل الله عليه من القران ما لم ينزله الله عليه، فاشتد ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم واغتم به، فسلاه الله مما به من ذلك بهذه الايات. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن أبى معشر، عن محمد بن كعب القرظى ومحمد بن قيس قالا: جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى ناد من أندية قريش كثير أهله، فتمنى يومئذ ألايأتيه من الله شىء فينفروا عنه، فأنزل الله عليه:(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى اذا بلغ:(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى عليه الشيطان كلمتين: «تلك الغرانقة العلى، وان شفاعتهن لترجى» ، فتكلم بها. ثم مضى فقرأ السورة كلها.
فسجد فى اخر السورة، وسجد القوم جميعا معه، ورفع الوليد بن المغيرة ترابا الى جبهته فسجد عليه، وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلم به وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيى ويميت وهو الذى يخلق ويرزق، ولكن الهتنا هذه تشفع لنا عنده اذ جعلت لها نصيبا، فنحن معك! قالا: فلما أمسى أتاه جبرائيل عليه السلام فعرض عليه السورة؛ فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «افتريت على الله وقلت على الله ما لم يقل» فأوحى الله اليه: (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) ... الى قوله:(ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) .
فمازال مغموما مهموما حتى نزلت عليه:(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) . قال: فسمع من كان من المهاجرين بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، فرجعوا الى عشائرهم وقالوا: هم أحب الينا! فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن اسحاق، عن يزيد ابن زياد المدنى، عن محمد بن كعب القرظى قال: لما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم