لقد انطلق عثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث وأبو سلمة بن عبد الأسد وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف حتى أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعرض عليهم الاسلام وأنبأهم بشرائعه فأسلموا جميعا فى ساعة واحدة، وذلك قبل دخول الرسول دار الأرقم. وكان عثمان بن مظعون من الباحثين عن الدين الحق حتى قبل الاسلام، بل لقد حرم الخمر قبل الاسلام. وقال- أى قبل الاسلام- «انى لا أشرب شيئا يذهب عقلى ويضحك بى من هو دونى ويحملنى على أن أنكح كريمتى من لا أريد» .
وكان لعثمان بن مظعون اتجاه خاص نحو الابتعاد عن الممارسة الجنسية المعتادة بين الأزواج، فقد أراد أن يختصى (يصبح مخصيا) ويسيح فى الأرض، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم:(أليس لك فى أسوة حسنة، فأنا اتى النساء واكل اللحم وأصوم وأفطر. ان خصاء أمتى الصيام، وليس من أمتى من خصى أو اختصى) ، ونفهم من الحديث أنه كان يريد أن يكون نباتيا يحرم اللحم على نفسه، بالاضافة الى أمور أخرى تجعله- فى الحقيقة- يكاد يدعو للرهبنة. ولم يوافقه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على التبتل، أى البقاء دون زوجة، ومرة أخرى يذهب ابن مظعون للرسول صلّى الله عليه وسلم قائلا انه لا يريد أن ترى زوجته عريته (بضم العين) ، أى عورته، فيسأله رسول الله صلّى الله عليه وسلم مستنكرا:«ولم؟» ثم يقول له الرسول صلّى الله عليه وسلم: (ان الله جعلها لك لباسا، وأهلى يرون عريتى) ، وكان عثمان بن مظعون قليل الاتيان لزوجته، ولو شاء لامتنع. نقرأ فى طبقات ابن سعد هذه الرواية بعد حذف الاسناد (دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبى صلّى الله عليه وسلم، فرأينها سيئة الهيئة فقلن لها: ما لك؟ فما فى قريش أغنى من بعلك أى زوجك- قالت:«ما لنا منه شىء، أما ليله فقائم وأما نهاره فصائم» ، فدخل النبى صلّى الله عليه وسلم فذكرن ذلك له، فلقى رسول الله عثمان بن مظعون وقال له:
«يا عثمان بن مظعون أما لك بى أسوة.. ان لعينيك عليك حقا، وان لجسدك حقا فصل ونم وصم وأفطر» وقد أثر تدخل الرسول صلّى الله عليه وسلم هذه المرة لصالح زوجة عثمان بن مظعون، اذ تقول الرواية انها ذهبت بعد ذلك لزوجات الرسول صلّى الله عليه وسلم وهى مسرورة فرحة «عطرة كأنها عروس» فقلن