للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسيحيين اسما والذين كانوا يعتقدون ذلك*. أما فى الجانب اليهودى، فان كثيرا من التفاصيل لم تأت أيضا من الكتب المقدسة بل من مصادر ثانوية مختلفة.

لا نستطيع أن نستبعد تماما احتمال التأثر بالجماعات المواحدة غير اليهود والمسيحيين ولكنه كان فى أحسن الأحوال ضئيلا، فربما كانت هناك مجتمعات صغيرة تؤمن بتوحيد مؤسس على فلسفة اغريقية مثل الصابئة، وقد يكون ذلك بعض التفسيرات المحتملة لبعض استخدامات كلمة «حنيف» «١» ، **. وهنا يمكننى أن أقول ببساطة انه ليست هناك أية أدلة صحيحة عن أية حركة متفق عليها نحو التوحيد، واذا كانت هناك مثل هذه الحركة فمن المؤكد أنها كانت لدوافع سياسية مثل اعتناق عثمان بن الحويرث للمسيحية ليكون الحاكم الوحيد لمكة بمساعدة البيزنطيين، ومع ذلك فهناك قدر من الحقيقة فى الرواية التاريخية عن «الحنفاء» كباحثين عن دين جديد، ففى الوضع الدينى لشبه جزيرة العرب، وبصفة خاصة فى مكة، الذى كان فى نهاية القرن السادس، لا شك أنه كان هناك كثير من الرجال ذوى العقول الراجحة كانوا يشعرون بفراغ ويتوقون الى العثور على شىء يرضى احتياجاتهم.

وأخيرا، يجب ملاحظة أنه قد حدثت بعض التعديلات فى الأفكار اليهودية- المسيحية حتى يمكن استيعابها فى المنظور العربى، وقد رأينا


* اشارة لقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) المائدة/ الاية ١٣.
(١) انظر التذييل ج (المؤلف) .
** قال ابن منظور فى قاموس لسان العرب. «الحنيف المسلم الذى يتحنف عن الأديان، أى يميل الى الحق، وقيل هو الذى يستقبل قبلة البيت الحرام على ملة ابراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل هو المخلص، وقيل هو من أسلم فى أمر الله فلم يلتو فى شىء ... وقال أبو عبيدة: من كان على دين ابراهيم فهو حنيف عند العرب، وكان عبدة الأوثان فى الجاهلية يقولون: نحن حنفاء على دين ابراهيم فلما جاء الاسلام سموا المسلم حنيفا ... وقال الزجاجى: الحنيف فى الجاهليد من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويختتن، فلما جاء الاسلام كان الحنيف المسلم» . وكان الاختتان وغسل الجنابة والحج هو ما تبقى عن الأعمال من دين ابراهيم عليه الصلاة والسلام- (المترجم) .

<<  <   >  >>