قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك النّاس من ثلاث: ...
الياء المثناة- وهي بمعنى التي قبلها. أي: لا يخيب الراجي فيه؛ أي: المترجّي منه شيئا من أمور الدّنيا والآخرة، بل يحصل له مطلوبه، وفي بعض الرّوايات:
«يتغافل عمّا يشتهي. بحذف «لا» النّافية.
ومعناه أنّه لا يتكلّف تحصيل ما يشتهيه من الطعام.
ويؤيده خبر عائشة رضي الله تعالى عنها المارّ: كان لا يسأل أهله طعاما ولا يتشهاه، فإن أطعموه أكل، وما أطعموه قبل.
(قد ترك نفسه) ؛ أي: منعها (من ثلاث) خصال مذمومة، فضمّن «ترك» معنى «منع» ؛ فعدّاه ب «من» ؛ وأبدل من ثلاث قوله
(: ١- المراء) وما بعده، وهو بكسر الميم وبالمدّ؛ أي: الجدال، ولو بحقّ لحديث:«من ترك المراء وهو محقّ بنى الله له بيتا في ربض الجنّة» .
وفي نسخة من «الشمائل» بدله «الرياء» ؛ وهو: أن يعمل ليراه النّاس.
(٢- والإكثار) - بالمثلاثة- أي: الإكثار من الكلام، أو من المال.
وفي نسخة من «الشمائل» : الإكبار- بالموحدة- أي: استعظام نفسه؛ من أكبره: إذا استعظمه. ومنه قوله تعالى فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ [٣١/ يوسف] وقيل: جعل الشيء كبيرا بالباطل، فلا ينافي قوله صلّى الله عليه وسلم «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر» ونحوه.
(٣- وما لا يعنيه) أي: ما لا يهمّه في دينه ودنياه كيفا، وقد قال صلّى الله عليه وسلم:«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، وقال تعالى وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣)[المؤمنون] .
(وترك النّاس) ؛ أي: ترك ذكرهم (من) خصال (ثلاث) مذمومة؛ فهذه الثلاث تتعلّق بأحوال النّاس، والثلاثة السابقة تتعلّق بحال نفسه؛ وإلّا! فهذه الثلاثة مما ترك نفسه منه أيضا.