كان لا يذمّ أحدا، ولا يعيبه؛ ولا يطلب عورته، ولا يتكلّم إلّا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلّم.. أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطّير، ...
(١- كان لا يذمّ أحدا) ، أي: مواجهة، (ولا يعيبه) ؛ أي: في الغيبة، فيكون على هذا تأسيسا «١» ؛ وهو خير من التأكيد؛ فهذا أولى مما اختاره ابن حجر من جعله تأكيدا؛ نظرا لكون الذمّ والعيب بمعنى واحد.
وفي بعض نسخ «الشمائل» : «ولا يعيّره» من التعيير؛ وهو التوبيخ.
(ولا يطلب عورته) أي: لا يطلب الاطلاع على عورة أحد؛ وهي ما يستحيا منه؛ إذا ظهر، فلا يتجسّس عن أموره الباطنة التي يخفيها.
ولا يعارضه ما سبق، يسأل النّاس عمّا في النّاس؟! لأنّ ذلك للأمور الظاهرة التي تناط بها الأحكام الشرعيّة والمصالح البشرية، وما قرّرناه هو المتبادر من العبارة كما فسّر به الشيخ ابن حجر، وإن قال بعض الشّرّاح: وقد أبعد ابن حجر حيث فسّره بعدم تجسّس عورة أحد.
(ولا يتكلّم إلّا فيما رجا ثوابه) ؛ أي: ولا ينطق إلّا في الشيء الذي يتوقّع ثوابه، لكونه مطلوبا شرعا، لا فيما لا ثواب فيه مما لا يعني.
(وإذا تكلّم أطرق جلساؤه) أي: أرخوا رؤوسهم إلى الأرض؛ ونظروا إليها، وأصغوا إليه لاستماع كلامه.
ولسرورهم وارتياح أرواحهم بحديثه (كأنّما على رؤوسهم الطّير) ، هذا كناية عن كونهم في نهاية من السكوت والسكون عند تكلّمه وتبليغه إليهم الأحكام الشرعية، لأن الطير لا يقع إلا على رأس ساكت ساكن.
و «أل» في «الطير» للجنس، فالمراد جنس الطير مطلقا. وقيل: للعهد والمعهود الباز.