للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا سكت.. تكلّموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده.. أنصتوا له حتّى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته ...

وبالجملة فشبّه حال جلسائه عند تكلّمه بحال من ينزل على رأسهم الطير في السكوت والسكون؛ مهابة له وإجلالا، لا لكبر ولا لسوء خلق فيه. حاشاه الله من ذلك.

(فإذا سكت تكلّموا) ، أي: فلا يبتدرونه بالكلام، ولا يتكلّمون مع كلامه، بل لا يتكلمون إلّا بعد سكوته. وفي بعض النسخ «فإذا سكت سكتوا» أي:

لاقتدائهم به وتخلّقهم بأخلاقه.

(لا يتنازعون عنده الحديث) ؛ أي: لا يختصمون عنده في الحديث.

(ومن تكلّم عنده أنصتوا له) أي: استمعوا لكلام المتكلّم عنده (حتّى يفرغ) من كلامه، فلا يتكلّم عنده اثنان معا، ولا يقطع بعضهم على بعض كلامه، لأنّه خلاف الأدب.

(حديثهم عنده حديث أوّلهم) ؛ أي: لا يتحدّث أوّلا إلّا من جاء أوّلا، ثم من بعده ... وهكذا على الترتيب.

(يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه) ؛ أي: موافقة لهم وتأنيسا وجبرا لقلوبهم.

(ويصبر للغريب على الجفوة) - بفتح الجيم- أي: الغلظة وسوء الأدب (في منطقه ومسألته) كما كان يصدر من جفاة الأعراب.

فالصبر على أذى النّاس وجفوتهم من أعظم أنواع الصبر، فقد ورد: «إنّ المؤمن الّذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم أفضل ممّن يعتزلهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>