للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتّى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: «إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها.. فارفدوه» .

ولا يقبل الثّناء إلّا من مكافىء، ...

وقد كان صلّى الله عليه وسلم أعلى النّاس في ذلك مقاما، فقد أتاه ذو الخويصرة التميمي؛ فقال: يا رسول الله؛- صلى الله عليه وسلم- اعدل. فقال: «ويحك؛ ومن يعدل إذا لم أعدل!! فقد خبت وخسرت إن لم أعدل» . فقال عمر: يا رسول الله؛ ائذن لي أضرب عنقه. فقال: «دعه» . رواه البيهقيّ؛ عن أبي سعيد.

والمعنى أنّه صلّى الله عليه وسلم كان يصبر للغريب إذا جفاه في مقاله وسؤاله، (حتّى أن) أي: أنّه؛ أي: الحال والشأن، «أن» مخفّفة من الثقيلة ( [كان أصحابه] «١» ليستجلبونهم) أي: الغرباء إلى مجلسه صلّى الله عليه وسلم ليستفيدوا من مسألتهم ما لا يستفيدونه عند عدم وجودهم، لأنّهم يهابون سؤاله، والغرباء لا يهابون؛ فيسألونه عما بدا لهم، فيجيبهم ويصبر على مبالغتهم في السؤال.

(ويقول) ؛ أي: النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه (: «إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه» ) - بوصل الهمزة وضمّ الفاء، و [أرفدوه] بقطع الهمزة وكسر الفاء؛ فإن كان من الرّفد؛ وهو العطاء؛ فالهمزة للوصل، وإن كان من الإرفاد؛ بمعنى:

الإعانة!! فمعناه: أعينوه على حاجته وساعدوه حتّى يصل إليها.

(ولا يقبل الثّناء) ؛ أي: المدح من أحد (إلّا) إذا كان (من مكافىء) - بالهمزة- أي: مجاز على إنعام وقع من النبي صلّى الله عليه وسلم إليه؛ فإذا قال شخص: إنّه صلّى الله عليه وسلم من أهل الكرم والجود؛ وليس مثله موجود! فإن كان ذلك واقعا منه مكافأة على إحسان صدر من النبي صلّى الله عليه وسلم إليه قبل ثناءه عليه، وإلّا لم يقبل منه، بل يعرض عنه؛ ولا يلتفت إليه، لأنّ الله ذمّ من يحبّ أن يحمد بما لم يفعل في قوله تعالى لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا [١٨٨/ آل عمران] ... الآية.


(١) ساقطة من الأصل، وأثبتناها من «وسائل الوصول» .

<<  <  ج: ص:  >  >>