ولا يقطع على أحد حديثه حتّى يجوز فيقطعه بنهي، أو قيام.
وأمّا حلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
فقد كان صلّى الله عليه وسلّم أحلم النّاس، وأرغبهم في العفو مع القدرة، حتّى أتي بقلائد من ذهب أو فضّة، فقسمها بين أصحابه،
(ولا يقطع) صلى الله عليه وسلم (على أحد حديثه) أي: حديث ذلك الأحد؛ لا حديث نفسه صلّى الله عليه وسلم، فالضمير المجرور في «حديثه» عائد على «الأحد» أي: لا يقطع كلام أحد يتكلّم عنده؛ بل يستمع له حتّى يفرغ منه.
(حتّى يجوز) - بجيم وزاي-؛ من المجاوزة، أي: حتى يتجاوز الحدّ، أو الحقّ.
وفي نسخة من «الشمائل» : حتّى يجور- بالجيم والراء-؛ من الجور. أي:
حتّى يجور في الحق بأن يميل عنه (فيقطعه) حينئذ (بنهي أو قيام) فيقطع عليه الصلاة والسلام حديث ذلك الأحد؛ إذا جاوز الحدّ: إما ١- بنهي له عن الحديث إن أفاد؛ بأن لّم يكن معاندا، أو ٢- قيام من المجلس؛ إن كان معاندا.
ولذلك كان بعض الصالحين إذا اغتاب أحد في مجلسه ينهاه؛ إن أفاد النهي، وإلّا! قام من مجلسه.
وفي هذا الحديث ما لا يخفى من نهاية كماله صلّى الله عليه وسلم ورفقه، ولطفه، وحلمه، وصبره، وصفحه، ورأفته، ورحمته، وعظيم أخلاقه..
(وأمّا حلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقد) ذكره بقوله:
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم أحلم النّاس) ؛ أي: أكثرهم حلما.
(و) كان (أرغبهم في العفو مع القدرة) على الانتقام.
(حتّى أتي) - بصيغة المجهول- (بقلائد) - جمع: قلادة- وهي: ما يجعل في العنق (من ذهب؛ أو فضّة) أي: القلائد مصوغة منهما؛ وهو الحليّ (فقسمها بين أصحابه) بما أراه الله تعالى.