أفعالهم، (وصفح) أي: أعرض عن أقوالهم؛ أي: مع شدّة أذاهم ونصره عليهم بحيث صاروا في قبضة تصرّفه؛ قد أحاط بهم الهلاك من كلّ جانب، ما زاد على ما كان عليه من حاله إلا العفو والصفح، لاشفاء النفس بالانتقام؛ وفعل ما يستحقّون بحيث لو فعل لم يلم.
(وقال) أي: لهم تلويحا بلطفه إليهم؛ وشفقته عليهم، واستخراجا لما في ضمائرهم؛ واستظهارا لما في سرائرهم.
(: «ما تقولون) - «ما» استفهامية، «وتقولون» بمعنى تظنّون- (أنّي فاعل بكم؟!» ) ، بفتح همزة «أنّ» وهي وما معها سادّة مسدّ مفعوليه
(قالوا: خيرا) منصوب بمقدّر يدلّ عليه فاعل قبله؛ أي تفعل خيرا، أو أنت فاعل خيرا؛ (أخ كريم) أي: أنت (وابن أخ كريم) أي: فلا يجيء من مثلك إلّا ما يوجب الكرم والعفو عمن ظلم.
وهذا على عادة العرب في تسمية القريب «أخا» قال تعالى. وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [٦٥/ الأعراف] .
والكريم: الجامع للخير والفضائل؛ كما في الحديث:«الكريم بن الكريم بن الكريم: يوسف.. إلخ» .
(فقال) : أقول؛ كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، (اذهبوا؛ فأنتم الطّلقاء» ) - بضمّ الطّاء المهملة؛ ففتح اللام ممدودا- جمع: طليق بمعنى مطلوق؛ وهو الأسير؛ يطلق ويخلّى سبيله؛ أي: أنتم الخلصاء من قيد الأسر، فإنّهم كانوا حينئذ أسرى.
وقد قال ذلك يوم فتح مكة؛ وهو آخذ بعضادتي باب الكعبة؛ على ما رواه ابن سعد، والنّسائي، وابن زنجويه؛ قاله ملا علي قاري في «شرح الشفاء» .