للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذى الجاهليّة، ومصابرة الشّدائد الصّعبة معهم، إلى أن أظفره الله تعالى عليهم- يعني: بفتح مكّة- وحكّمه فيهم وهم لا يشكّون في استئصال شأفتهم، وإبادة خضرائهم- أي: إهلاك جماعتهم- فما زاد على أن عفا ...

مكابدتهم ومعارضتهم ومخالفتهم (وأذى الجاهليّة) أي: وتأذّيه من أهل جاهليّتهم وسفاهتهم، (ومصابرة الشدائد) أي: مغالبة المحن (الصّعبة) أي: الشّاقّة (معهم) في الحروب الواقعة بينه وبينهم، وهي؛ وإن كانت سجالا؛ إلّا أنّه صبّ عليهم العذاب.

فالمصابرة: مفاعلة؛ من الصبر عن شدائد الحروب، وهم صناديد وأبطال كان لهم صبر على اصطلاء نارها، لكنه صلّى الله عليه وسلم غلبهم وصابرهم وزاد عليهم.

(إلى أن أظفره الله تعالى) بهم، وفي نسخة: أظهره الله (عليهم- يعني:

بفتح مكّة- وحكّمه فيهم) - بتشديد الكاف-، أي: جعله الله تعالى قاهرا غالبا لهم، وهم في قبضة تصرّفه؛ يحكم فيهم بما يريد من قتل وأسر وعفو؛ إن شاء (وهم لا يشكّون) ؛ أي: لا يتردّدون، بناء على زعمهم وقياسا على أنفسهم (في استئصال) ؛ هو: قطع الشيء من أصله وإزالته بالكليّة (شأفتهم) - بفتح شين معجمة، فسكون همزة، ففاء؛ تليها هاء تاء تأنيث، وتبدل الهمزة ألفا- أي:

جمعهم وقطع أثرهم.

والشّأفة- في الأصل-: قرحة تخرج للإنسان في أسفل القدم؛ فتكوى فتذهب فهم يقولون في المثل «استأصل الله شأفته» أي: أذهبه كما أذهبها، (وإبادة) - بكسر الهمزة وبالدال المهملة- مصدر بمعنى: الإهلاك (خضرائهم) - بفتح الخاء المعجمة، وسكون الضّاد المعجمة؛ بعدهما راء، فألف ممدودة- (أي: إهلاك جماعتهم) وتفريق جمعهم.

والمعنى: أنّه صلّى الله عليه وسلم ظفر بهم في حال تيقّنوا هلاكهم بأسرهم؛ وذهابهم عن آخرهم، بحيث لا يبقى منهم باقية (فما زاد) صلى الله عليه وسلم (على أن عفا) : تجاوز عن

<<  <  ج: ص:  >  >>