أسلم يوم الفتح، ونزل المدينة سنة: إحدى وثلاثين، ودفن في البقيع؛ قاله القاري.
(وقد سيق إليه) أي: جيء به إليه، والسائق له هو العبّاس عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لمّا سار النبيّ صلّى الله عليه وسلم لفتح مكّة، ونزل مرّ الظّهران عشاء، وأوقد عشرة آلاف نار، وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وأراد دخولها قهرا لقتل الكفّار؛ فرقّت نفس العبّاس رضي الله تعالى عنه لأهل مكّة، فخرج على بغلة النبي صلّى الله عليه وسلم حتّى أتى الأراك، فقال: لعلّي أجد ذا حاجة يأتي مكّة؛ فيخبرهم برسول الله صلّى الله عليه وسلم حتّى يخرجوا؛ ويستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة. قال: فسمعت صوت أبي سفيان يقول لبديل: ما رأيت كالليلة سرابا؛ ولا عسكرا!!
فقلت: أبا حنظلة؟!. فقال: أبو الفضل!! قلت: نعم.
قال: ما لك؛ فداك أبي وأمّي.
قلت: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الناس!! واصباح قريش «١» .
قال: ما الحيلة؟
قلت: والله؛ لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك، فاركب عجز هذه البغلة، حتّى آتي بك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأستأمنه لك، فركب خلفي؛ فكنت كلّما مررت بأحد؛ قال:
بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليها عمّه!!
حتّى مررت بعمر رضي الله عنه؛ قال: أبو سفيان عدوّ الله!! الحمد لله الّذي أمكن منك بلا عقد؛ ولا عهد.
وخرج يشتدّ نحو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فركضت البغلة ودخلت عليه وعمر رضي الله تعالى عنه معه. فقال: هذا أبو سفيان؛ دعني أضرب عنقه.