بعد أن جلب عليه الأحزاب، وقتل عمّه وأصحابه ومثّل بهم، ...
فقلت: إنّي قد أجرته. وجلست.
فلما أكثر عمر رضي الله عنه في شأنه؛ قال صلّى الله عليه وسلم:«مهلا يا عمر، اذهب به يا عبّاس إلى رحلك، فإذا أصبح فائتني به» .
فغدوت به صباحا، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم علم أنّه جاء ليسلم منقادا (بعد أن جلب عليه) أي: ساق إليه (الأحزاب) ؛ وهي جموع مجتمعة للحرب من قبائل شتّى، ويقال: تحزّبوا: تجمّعوا.
وهذه غزوة الخندق التي كانت في سنة: خمس وكانوا ثلاثة عساكر، وعدّتهم عشرة آلاف، وكان الحصار للمسلمين أربعين يوما.
وإسناد جلب الأحزاب إليه!! لأنّه كان قائد جيشهم، وصاحب رأيهم، وإلّا! فسبب التحزيب إنّما كان جماعة من اليهود؛ دعوا القبائل وحرّكوا قريشا لذلك.
والمعنى بعد كثرة قبائحه وجملة فضائحه.
منها: أنّه جمّع أحزاب كفّار مكة وغيرهم وأتى أهل المدينة على عزم قتلهم ونهبهم واستئصالهم.
(و) منها: أنّه (قتل عمّه) حمزة سيّد الشهداء رضوان الله تعالى عنه في غزوة أحد، أي: تسبّب في قتله، إذ قاتله المباشر له هو وحشيّ، وهو من جملة عسكره؛ فهو الباعث والسبب في ذلك القتال والمهيّج له.
(و) منها: أنّه قتل (أصحابه) صلى الله عليه وسلم يوم أحد؛ أي: تسبّب في قتلهم وهم سبعون. وقيل: سبعون من الأنصار خاصّة!! وقيل: مجموع القتلى سبعون؛ أربعة من المهاجرين: حمزة، ومصعب بن عمير، وشمّاس بن عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي، وباقيهم من الأنصار.
(و) منها: أنّه (مثّل) - بتشديد المثلاثة- أي: تسبب في فعل المثلة- بضم الميم- (بهم) ؛ وهي العقوبة الشديدة بتشويه خلقتهم؛ بقطع أنف وأذن، ومذاكير