وكان صلّى الله عليه وسلّم يكنّي عمّا اضطرّه الكلام إليه ممّا يكره.
قال السّيوطي: وهذا الحديث ذكره صاحب «الإحياء» ؛ ولم يجده العراقيّ.
انتهى كلام «المواهب» ؛ مع شيء من «الزرقاني» .
(و) في «الإحياء» و «الشفاء» : (كان صلّى الله عليه وسلم يكنّي) - بضمّ الياء وتشديد النون، أو [يكني] بفتح وتخفيف-؛ أي: يلوّح ولا يصرّح، ويعرّض (عمّا اضطرّه الكلام إليه) أي: عن شيء لا بدّ منه، ولا يسعه السكوت عنه (ممّا يكره) - بصيغة المفعول- أي: مما لا يستحسن التصريح به.
يعني أنّه يورد المعنى القبيح عادة بطريق الكناية، لشدّة حيائه صلّى الله عليه وسلم، كقوله:
«حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» رواه البخاري؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها، لأنّ الجماع وذكره للمرأة يستحيا منه، وكقوله «خذي فرصة ممسّكة فتطهّري بها» رواه الشيخان؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها. وكقوله:«فإنّه لا يدري أين باتت يده» حيث لم يقل «فلعل يده وقعت على دبره، أو ذكره، أو نجاسة في بدنه ... » ونظائر ذلك كثيرة في الأحاديث الصحيحة.
يفعل ذلك تخلّقا بأخلاق ربّه، واقتداء بادابه، إذ قال تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ [٤٣/ النساء] ، وقال تعالى فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [٢٢٣/ البقرة] .
وهذا فيما إذا علم أنّ السامع يفهم المقصود بالكناية، وإلّا! لكان يصرّح لينتفي اللّبس والوقوع في خلاف المطلوب، وعلى هذا يحمل ما جاء من ذلك مصرّحا به. والله أعلم.
(و) أخرج ابن ماجه؛ عن بلال بن الحارث المزني، والإمام أحمد بن حنبل، والنّسائي، وابن ماجه- بسند حسن؛ كما في العزيزيّ-: كلّهم عن عبد الرحمن بن أبي فرّاد- بضمّ الفاء وشدّ الراء، بضبط المؤلف؛ يعني:
السيوطي- السّلمي؛ كذا قاله العزيزي على «الجامع الصغير» ، وتعقّبه المناوي بأنّه ليس بصحيح! قال: ففي «التقريب» كأصله: بضمّ القاف وتخفيف الراء- يعني: أبا قراد السّليمي الأنصاريّ- ويقال له: الفاكه. قال: