- وإلّا.. حرم تمكينه منه؛ للنّهي عن تعذيب الحيوان.
وإنّما قال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«يا أبا عمير؛ ما فعل النّغير» .. لأنّه كان له نغير يلعب به، فمات، فحزن الغلام عليه، فمازحه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:«يا أبا عمير؛ ما فعل النّغير» .
وحاصل الجواب: أن التعذيب غير محقّق، بل ربّما يراعيه فيبالغ في إكرامه وإطعامه لإلفه، وهذا إن قامت قرينة على أنّ الصبي لا يعذّبه، بل يلعب به لعبا لا عذاب فيه، ويقوم بمؤنته على الوجه اللائق، فيجوز تمكينه منه حينئذ.
(وإلّا) بأن كان غير مميّز، أو قاسي القلب جافي الطّبع؛ دلّت القرينة على أنه يعذّبه؛ (حرم تمكينه منه) ، وذلك (للنّهي عن تعذيب الحيوان) ، فما في الحديث منزّل على القسم الأوّل.
فائدة: قال ابن خلّكان في «تاريخه» : إن الإمام الزمخشريّ كانت إحدى رجليه ساقطة؛ أي أعرج، وكان يمشي في جارن خشب، وكان سبب سقوطها دعاء والدته عليه.
قال الزمخشري: كنت في صباي أمسكت عصفورا وربطته بخيط في رجله؛ فأفلت من يدي فأدركته؛ وقد دخل في خرق؛ فجذبته، فانقطعت رجله في الخيط. فقالت والدتي: قطع الله رجلك- الأبعد- كما قطعت رجله.
قال: فلما وصلت إلى سنّ الطلب رحلت إلى بخارى لطلب العلم فسقطت عن الدابّة فانكسرت رجلي، وعملت عليّ عملا أوجب قطعها. والله أعلم بالصّحة.
انتهى كلام ابن خلّكان بتصرّف.
(وإنّما قال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) ؛ أي للغلام (: «يا أبا عمير؛ ما فعل النّغير؟!» ؛ لأنّه كان له نغير يلعب) : يتلهّى (به، فمات، فحزن الغلام عليه) ؛ كما هو شأن الصغير إذا فقد لعبته، (فمازحه) ؛ أي: باسطه (النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال:
«يا أبا عمير؛ ما فعل النّغير» ) ليسلّيه، ويذهب حزنه عليه، لأنّه يفرح بمكالمة