قال أبو عيسى التّرمذيّ: وفقه هذا الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يمازح.
وفيه: أنّه كنّى غلاما صغيرا فقال له: «يا أبا عمير» .
وفيه: أنّه لا بأس أن يعطى الصّبيّ الطّير ليلعب به- أي: لعبا لا عذاب فيه ...
- بضمّ النون وفتح الغين المعجمة؛ تصغير النّغر، كالرّطب-: وهو طائر صغير كالعصفور أحمر المنقار؛ أي ما شأنه وحاله!! فباسطه بذلك ليسلّيه حزنه عليه؛ كما هو شأن الصغير إذا فقد لعبته، فيفرح بمكالمة المصطفى صلّى الله عليه وسلم، ويرتاح لها ويفتخر؛ ويقول لأهله: كلّمني وسألني!! فيشتغل باغتباطه بذلك عن حزنه فيسلى ما كان.
(قال) الإمام الحافظ (أبو عيسى) محمد بن عيسى بن سورة (التّرمذيّ) في «الشمائل»(: وفقه هذا الحديث) أي: المسائل الفقهية المستنبطة من هذا الحديث: (أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يمازح) ؛ أي: لمصلحة تطييب نفس المخاطب، ومؤانسته وملاطفته ومداعبته، وذلك من كمال خلقه ومكارم أخلاقه، وتواضعه ولين جانبه؛ حتّى مع الصبيان، وسعة صدره، وحسن معاشرته للناس.
(وفيه) أي: وفي هذا الحديث من الفوائد: (أنّه كنّى غلاما صغيرا؛ فقال له:«يا أبا عمير» ) وهو لا بأس به، لأنّ الكنية قد تكون للتفاؤل بأنّه يعيش ويصير أبا، لكونه يولد له. فاندفع ما يقال «إنّ في ذلك جعل الصغير أبا لشخص؛ وهو ظاهر الكذب» !!.
(وفيه) ؛ أي: وفي الحديث أيضا من الفوائد: (أنّه لا بأس) ؛ أي:
لا حرج (أن يعطى الصّبيّ الطّير ليلعب به؛ أي: لعبا لا عذاب فيه) . هذا إشارة إلى جواب ما استشكل بأن إعطاء الصغير الطير ليلعب به تعذيب له، وقد صحّ النهي عنه؟!.