وعن أنس أيضا قال: إن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليخالطنا حتّى يقول لأخ لي: «يا أبا عمير؛ ما فعل النّغير؟» .
وإنّما كان ذلك مزاحا مع كونه معناه صحيحا يقصد بالإفادة!! لأن في التعبير عنه ب «ذا الأذنين» مباسطة وملاطفة؛ حيث سمّاه بغير اسمه، فهو من جملة مزحه ولطيف أخلاقه صلّى الله عليه وسلم، كما قال للمرأة عن زوجها:«ذاك الّذي في عينيه بياض» !!.
(و) أخرج البخاريّ في «الأدب» ، ومسلم، والترمذي في «الجامع» في «الصلاة» ، وفي «الشمائل» أيضا، وهذا لفظها:
(عن أنس أيضا؛ قال: «إن) - مخفّفة من الثقيلة، بدليل دخول اللام في خبرها، واسمها ضمير الشّأن محذوف، أي: أنّه (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليخالطنا) بالملاطفة وطلاقة الوجه والمزاح؛ قاله القسطلّانيّ في «المواهب» .
وقال شرّاح «الشمائل» : ليخالطنا: يمازحنا، ففي «القاموس» : خالطه مازحه، والمراد أنس وأهل بيته (حتّى) للغاية، أي: انتهت مخالطته لنا إلى الصغير من أهلنا ومداعبته والسؤال عن طيره (يقول لأخ لي) من أمّي «أمّ سليم» ؛ يقال له «أبو عمير» بن أبي طلحة: زيد بن سهل الأنصاري.
وكان اسمه عبد الله؛ فيما جزم به أبو أحمد الحاكم، أو حفص؛ كما عند ابن الجوزي، وهو الذي حقّقه الحافظ ابن حجر في «الفتح» . وقال: هو وارد على من صنّف في «الصحابة» وفي «المبهمات» !! انتهى.
وقيل: اسمه «كبشة» ؛ كما في «جامع الأصول» !! ومات في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم. والمعروف أنّ عبد الله هو أخوه الذي حملت به أمه عند وفاته؛ وهو صاحب الليلة المباركة!! ففي مسلم؛ عن أنس: أنّ ابنا لأبي طلحة مات ...
فذكر قصّة موته، وأنهّا قالت لأبي طلحة: هو أسكن ممّا كان. وبات معها، فبلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلم؛ فقال:«بارك الله لكما في ليلتكما» . فأتت بعبد الله بن أبي طلحة؛ فبورك فيه، وهو والد إسحاق بن عبد الله الفقيه، وإخوة إسحاق كانوا عشرة، كلّهم حمل عنه العلم.
(: «يا أبا عمير) - بضم العين وفتح الميم؛ مصغّرا- (ما فعل النّغير؟!» )