وعن أنس رضي الله تعالى عنه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يا ذا الأذنين» ؛ يعني: يمازحه.
كالمداعبة الفعلية؛ كمجّه محمود بن الربيع، واحتضانه زاهرا. انتهى مع «شرح الزرقاني» .
قال المناوي في «كبيره» : قال ابن عربي: وسبب مزاحه أنّه كان شديد الغيرة، فإنّه وصف نفسه بأنّه أغير من سعد؛ بعد ما وصف سعدا بأنه غيور، فأتى بصيغة المبالغة، والغيرة من نعت المحبّة؛ وهم لا يظهرونها، فستر محبّته وماله من الوجد فيه بالمزاح وملاعبته للصغير، وإظهار حبّه فيمن أحبّه؛ من أزواجه وأبنائه وأصحابه!! وقال:«إنّما أنا بشر» ، فلم يجعل نفسه أنّه من المحبّين، فجهلوا طبيعته وتخيّلت أنّه معها لمّا رأته أنّه يمشي في حقّها ويؤثرها، ولم تعلم أنّ ذلك عن أمر محبوبه إيّاه بذلك!. وقيل: إنّ محمدا صلّى الله عليه وسلم يحبّ عائشة والحسنين.
وترك الخطبة يوم العيد ونزل إليهما لما رآهما يعثران في أذيالهما. وهذا كلّه من باب الغيرة على المحبوب أن تنتهك حرمته، وهكذا ينبغي أن يكون تعظيما للجناب الأقدس أن يعشق. انتهى.
(و) أخرج الترمذيّ في «الشمائل» قال: حدّثنا محمود بن غيلان؛ قال:
حدّثنا أبو أسامة؛ عن شريك؛ عن عاصم الأحول.
(عن أنس) بن مالك (رضي الله تعالى عنه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم قال له) أي لأنس (: «يا ذا الأذنين» ) - بضمّ الذال المعجمة، وتسكن- أي: يا صاحب الأذنين السميعتين الواعيتين الضابطتين لما سمعتاه، وصفه به مدحا له؛ لذكائه وفطنته وحسن استماعه، لأنّ من خلق الله له أذنين سميعتين كان أوعى لحفظه ووعيه جميع ما يسمعه، ولما كان ذلك لا يوجب كون الكلام ممازحة؛ قال محمود:(يعني) أي: يريد صلّى الله عليه وسلم بقوله: «يا ذا الأذنين»(يمازحه) أي: مزاحه من قبيل ذكر الفعل وإرادة المصدر، من قبيل «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» ، ومنه قوله تعالى وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً [٢٤/ الروم] .