وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قالوا: يا رسول الله؛ إنّك تداعبنا، فقال:«نعم، غير أنّي لا أقول إلّا حقّا» .
والنقلية؛ ممّن تقدّم أو تأخّر؛ إلّا وكلام المصطفى صلّى الله عليه وسلم له قدوة. وإشارته له حجّة؛ دون تعلّم منه صلّى الله عليه وسلم؛ ولا مدارسة ولا مطالعة كتب من تقدّم، ولا جلوس مع علمائها:
كفاك بالعلم في الأمّيّ معجزة ... في الجاهليّة والتّأديب في اليتم
انتهى.
قال مقيّده رحمه الله تعالى: ومن أوسع ما وقفت عليه مجموعا من فوائد هذا الحديث المستنبطة منه في محلّ واحد ما جمعه الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» عند شرحه في «باب الكنية للصبي» ؛ وقبل أن يولد للرجل في «كتاب الأدب» .
انتهى.
وساق في شرح «زاد المسلم» كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بطوله؛ فليراجعه من أراده.
(و) أخرج الإمام أحمد، والترمذيّ في «الجامع» وحسّنه وفي «الشمائل» - وهذا لفظها- (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه؛ قال) أي: أبو هريرة (: قالوا) ؛ أي: الصحابة مستفهمين (: يا رسول الله؛ إنّك تداعبنا) - بدال وعين مهملتين- أي: تمازحنا بما يستملح، وقد نهيت عن المزاح، فهل المداعبة خاصّة بك!! (فقال: «نعم) ، أداعب (غير أنّي لا أقول إلّا حقّا» )
فمن حافظ على قول الحقّ وتجنّب الكذب وأبقى المهابة والوقار فله ذلك، بل هو سنّة كما مرّ!! ومن داوم عليها؛ أو أكثر منها، أو اشتمل مزاحه على كذب، أو أسقطت مهابته!! فلا.
وقد كان مزاح المصطفى صلّى الله عليه وسلم على سبيل النّدور؛ لمصلحة من نحو مؤانسة، أو تألّف لما كانوا عليه من تهيّب الإقدام عليه، فكان يمازح تخفيفا عليهم، لما ألقي