للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس رضي الله تعالى عنه: أنّ رجلا ...

عليه من المهابة والجلال؛ سيّما عقب التجلّيات السّبحانية، ومن ثمّ كان لا يخرج إليهم قبل الفجر إلّا بعد الاضطجاع بالأرض؛ أو مكالمة بعض نسائه، إذ لو خرج إليهم عقب المناجات الفردانية والفيوضات الرحمانية؛ لما استطاع أحد منهم لقيّه.

وما ورد عنه صلّى الله عليه وسلم من النهي عن المداعبة؛ كقوله: «لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعدا فتخلفه» رواه الترمذي!.

محمول على الإفراط، لما فيه من الشّغل عن ذكر الله تعالى، وعن التفكّر في مهمات الدين وغير ذلك؛ كقسوة القلب، وكثرة الضحك، وذهاب ماء الوجه، بل كثيرا ما يورث الإيذاء والحقد والعداوة، وجراءة الصغير على الكبير، وقد قال سيّدنا عمر بن الخطاب: من كثر ضحكه قلّت هيبته، ومن مزح استخفّ به. أسنده العسكري، ولذا قيل:

فإيّاك إيّاك المزاح فإنّه ... يجرّي عليك الطّفل والرّجل النّذلا

ويذهب ماء الوجه من كلّ سيّد ... ويورثه من بعد عزّته ذلّا

والذي يسلم من ذلك بأن لا يؤدّي إلى حرام؛ ولا مكروه: هو المباح المستوي الطرفين على الأصحّ، فإن صادف المباح مصلحة؛ مثل تطييب نفس المخاطب، كما كان هو فعله عليه الصلاة والسلام!! فهو مستحبّ. قاله القسطلّانيّ في «المواهب» مع الشرح.

وقال المناوي في «شرح الشمائل» : ما سلم من المحذور، فهو بشرطه مندوب لا مباح؛ وفاقا للصدر المناوي، وخلافا للعصام. إذ الأصل في أفعاله صلّى الله عليه وسلم وأقواله وجوب أو ندب الاقتداء به فيها؛ إلّا لدليل يمنع؛ ولا مانع هنا!!. انتهى.

(و) أخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذيّ في «الجامع» وصحّحه، وفي «الشمائل» واللفظ لها، والبخاريّ في «الأدب المفرد» : كلهم؛

(عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنّ رجلا) كان به بله؛ أي: عدم اهتمام بأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>