للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «إنّي حاملك على ولد ناقة» ، فقال: يا رسول الله؛ ما أصنع بولد النّاقة؟! فقال:

«وهل تلد الإبل إلّا النّوق؟!» .

الدنيا وتأمّل في معاني الألفاظ حتّى حمل الكلام على المتبادر، من أن المراد بالبنوّة الصغير فليس هو صفة ذمّ هنا، فهو كقوله في الحديث: «أكثر أهل الجنّة البله» .

أي: في أمر الدنيا لقلّة اهتمامهم بها؛ وهم أكياس في أمر الآخرة، وللبله إطلاقات؛ منها هذا، وعدم التمييز وضعف العقل والحمق وسلامة الصدر، ولكلّ مقام مقال:

(استحمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم) أي: سأله أن يحمله، والمراد: طلب منه أن يركبه على دابّة، (فقال) أي: رسول الله صلّى الله عليه وسلم مباسطا له بما عساه أن يكون شفاء لبلهه بعد ذلك، والظنّ- بل الجزم- أنّه حصل له الشفاء بتلك المداعبة قائلا (: «إنّي حاملك) أي: مريد حملك (على ولد ناقة» ) فسبق لخاطره استصغار ما تصدق عليه البنوّة.

(فقال: يا رسول الله؛ ما أصنع بولد النّاقة؟!) توهما أن المراد ب «ولد الناقة» الصغير، لكونه المتبادر من الإضافة؛ ومن التعبير ب «الولد» .

(فقال) أي: رسول الله صلّى الله عليه وسلم (: «وهل تلد الإبل) - بالنصب مفعول مقدّم- والإبل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وهو بكسرتين، وسمع [الإبل] تسكين الباء للتخفيف، ولم يجيء من الأسماء على فعل- بكسرتين- إلّا الإبل والحبر (إلّا النّوق» ؟!) - بالرفع فاعل مؤخّر- فالإبل؛ ولو كبارا أولاد الناقة، فيصدق «ولد الناقة» بالكبير والصغير، فكأنّه يقول لو تدبّرت وتأمّلت اللفظ لم تقل ذلك!!

ففيه مع المباسطة الإيماء إلى إرشاده وإرشاد غيره بأنّه ينبغي له إذا سمع قولا أن يتأمّله، ولا يبادر بردّه إلّا بعد أن يدرك غوره، ولا يسارع إلى ما تقتضيه الصورة.

والنّوق- بضمّ النون- جمع ناقة؛ وهي أنثى الإبل. وقال أبو عبيدة: لا تسمّى

<<  <  ج: ص:  >  >>