للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن حاضرته» ، وكان صلّى الله عليه وسلّم يحبّه، وكان رجلا دميما، فأتاه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوما، وهو يبيع متاعه ...

الرجل من باديته من أنواع الثمار وصنوف النبات، فصار كأنّه باديتنا.

فالتاء على هذين الوجهين للتأنيث لأنّه الأصل، ويحتمل أن التاء للمبالغة، والأصل بادينا؛ أي: البادي المنسوب إلينا، لأنّا إذا احتجنا متاع البادية جاء به إلينا؛ فأغنانا عن السّفر إليها. قيل: وهو أظهر، والضمير لأهل بيت النبوة، أو أتي به للتعظيم.

ويؤيّد الأوّل ما في «جامع الأصول» ؛ من قوله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ لكلّ حاضر بادية، وبادية آل محمّد زاهر بن حرام» .

(ونحن) أي: أهل بيت النبوة، أو ضمير الجمع للتعظيم- كما مرّ في الذي قبله- (حاضرته» ) ؛ أي: يصل إليه منا ما يحتاج إليه مما في الحاضرة، أو لا يقصد بمجيئه إلى الحضر إلّا مخالطتنا.

وتوقّف بعضهم في الأوّل ب «أن المنعم لا يليق به ذكر إنعامه» !! منع بأنّه ليس من ذكر المنّ بالإنعام في شيء، بل إرشاد للأمّة إلى مقابلة الهديّة بمثلها؛ أو أفضل منها، لأنّه صلّى الله عليه وسلم كان يكافيء عليها كما هو عادته، على أنه صلّى الله عليه وسلم مستثنى ممّن يحرم عليه المنّ. انتهى. «باجوري» وزرقاني على «المواهب» .

(وكان) النّبيّ (صلى الله عليه وسلم يحبّه) ، يؤخذ منه جواز حبّ أهل البادية، وجواز الإخبار بمحبّة من يحبّك، (وكان رجلا دميما) - بالدال المهملة- أي: قبيح الوجه، كريه المنظر؛ مع كونه مليح السريرة، فلا التفات إلى الصورة، كما في الحديث: «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم، وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» .

(فأتاه النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يوما) ؛ أي: إلى السوق.

وفيه جواز دخول السّوق وحسن المخالطة، (وهو) أي: والحال أنّه (يبيع متاعه) ؛ وهو: كلّ ما يتمتع به من نحو طعام وبرّ وأثاث بيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>