فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال من هذا؟ أرسلني، فالتفت فعرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين عرفه، ...
وأصله: ما يتبلّغ به من الزاد، ومتاع زاهر في ذلك الحين كان قربة لبن، وقربة سمن؛ كما في رواية.
(فاحتضنه) أي: أدخله في حضنه؛ وهو: ما دون الإبط إلى الكشح- بزنة فلس-: ما بين الخاصرة إلى الضلع (من خلفه) أي: جاء من ورائه؛ وأدخل يديه تحت إبطيه.
(وهو) أي: والحال أنّه (لا يبصره) أي: لا يراه ببصره.
وذلك بعد أن جاء من أمامه وفتح إحدى القربتين، فأخذ منها على إصبعه، ثمّ قال له:«أمسك القربة» ، ثم فعل بالقربة الآخرى كذلك، ثم غافله وجاء من خلفه واعتنقه، وأخذ عينيه بيديه كي لا يعرفه.
ويؤخذ من ذلك جواز اعتناق من تحبّه من خلفه؛ وهو لا يبصر.
(فقال: من هذا؟!) أي: المحتضن؟
(أرسلني) - بصيغة الأمر- أي خلّني، وأطلقني، فالإرسالة: التخلية والاطلاق
(فالتفت) أي: ببعض بصره ورأى بطرفه محبوبه.
(فعرف النّبيّ) - القياس: فعرف أنّه النبيّ- (صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو) ، أي:
لا يترك ولا يقصّر (ما) : مصدرية (ألصق ظهره) : أي شرع لا يقصر في إلصاق ظهره (بصدر النّبيّ صلّى الله عليه وسلم) تبرّكا به، وتلذّذا، وتحصيلا لثمرات ذلك الإلصاق من الكمالات الناشئة عنه (حين عرفه) .
ذكره مع علمه من قوله «فعرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلم» !! اهتماما بشأنه، وإيماء إلى أن منشأ هذا الإلصاق ليس إلّا معرفته.