(إِنْشاءً) خاصّا، والمعنى إنّا خلقنا النسوة خلقا جديدا غير خلقهنّ بدون توسّط ولادة بحيث يناسب البقاء والدوام، فالضمير للنسوة، وجعله للحور العين يردّه هذا الحديث، وإن كان هو مقتضى سياق القرآن (فَجَعَلْناهُنَّ) بعد كونهنّ عجائز شمطا رمصا في الدنيا (أَبْكاراً) أي: عذارى، وإن وطئن كثيرا، فكلّما أتاها الرجل وجدها بكرا؛ كما ورد به الأثر، ولكن لا دلالة للّفظ عليه (عُرُباً) أي:
عاشقات متحبّبات إلى أزواجهن، جمع عروب، (أَتْراباً) أي: متساويات في السنّ، وهو سنّ ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين سنة، وذلك أفضل أسنان النساء.
وفي الحديث:«هنّ اللّاتي قبضن في دار الدّنيا عجائز، قد خلقهنّ الله بعد الكبر، فجعلهنّ عذارى متعشّقات؛ على ميلاد واحد أفضل من الحور العين كفضل الظّهارة على البطانة، ومن يكن لها أزواج؛ فتختار أحسنهم خلقا» ... الحديث في «جامع الترمذي» ، والطبراني مطولا. انتهى باجوري على «الشمائل» .
وهذا الحديث الذي ذكره المصنّف في «المتن» قد ذكره رزين بن معاوية العبدريّ السّرقسطيّ، ورواه الترمذيّ أيضا في «الجامع» ، وابن الجوزيّ في «الوفا» بسنده موصولا؛ كلاهما عن أنس رضي الله تعالى عنه.
أنّ عجوزا دخلت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فسألته عن شيء، فقال لها ومازحها:«إنّه لا تدخل الجنّة عجوز» ، وحضرت الصّلاة فخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فبكت بكاء شديدا حتّى رجع النبي صلّى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: يا رسول الله؛ إنّ هذه المرأة تبكي لمّا قلت لها:«إنّه لا تدخل الجنّة عجوز» !! فضحك، وقال: «أجل؛ لا تدخل الجنّة عجوز، ولكن قال الله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧)[الواقعة] وهنّ العجائز الرّمص» . أي: مريضات العيون.
ولا تنافي بين روايتي وصله وإرساله، لأنّ الحسن حدّث به مرسلا تارة؛ بإسقاط أنس، وتارة وصله بذكر أنس! وقد رواه الطبرانيّ في «الأوسط» ؛ من وجه آخر من حديث عائشة. انتهى؛ قاله الزرقاني على «المواهب» .