قال في «جمع الوسائل» : وقد أخرج أبو الشيخ ابن حيّان في «كتاب الأخلاق» بسنده إلى مجاهد قال: دخل النّبيّ صلّى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله تعالى عنها وعندها عجوز؛ فقال:«من هذه» ؟ قالت: هي عجوز من أخوالي. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم:«إنّ العجز- بضمّتين؛ جمع عجوز- لا يدخلن الجنّة» . فشقّ ذلك على المرأة، فلما دخل النبيّ صلّى الله عليه وسلم قالت له عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقّة شديدة! فقال: «إنّ الله عزّ وجلّ ينشئهنّ خلقا غير خلقهنّ» !! انتهى.
تتمة: وممّا ذكر من مزاحه صلّى الله عليه وسلم أيضا: ما رواه جمع عن خوّات بن جبير قال:
نزلت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمرّ الظهران، فخرجت من خبائي؛ فإذا نسوة يتحدّثن، فأعجبنني، فرجعت فأخرجت حلّة من عيبتي فلبستها، ثم جلست إليهنّ، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قبّته؛ فقال:«يا عبد الله؛ ما يجلسك إليهنّ» ؟ فقلت:
يا رسول الله؛ جمل لي شرود، أبتغي له قيدا! فمضى وتبعته، فألقى رداءه ودخل فقضى حاجته وتوضّأ، ثمّ جاء؛ فقال:«ما فعل شراد جملك» ؟ ثمّ ارتحل، فجعل لا يلحقني في منزل إلّا قال:«يا عبد الله؛ ما فعل شراد جملك؟» إلى أن قال: فقلت: والله؛ لأعتذرنّ إليه، ولأبرّدنّ صدره. فقال لي يوما.. فقلت:
والّذي بعثك بالحق؛ ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت.
ومن ذلك ما رواه ابن أبي حاتم وغيره؛ من حديث عبد الله بن سهم الفهري؛ للمرأة التي سألت عن زوجها:«أهو الّذي بعينه بياض» ؟!
وقد ذكره القاضي عياض في «الشفاء» من غير إسناد!.
خاتمة: قد درج أكابر السلف وأعاظم الخلف؛ على ما كان عليه المصطفى صلّى الله عليه وسلم في الطلاقة والمزاح المجانب للكذب والفحش، فكان الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه يكثر المداعبة، وكذا ابن سيرين.
وقال رجل لصالح جزرة: ما تقول في سفيان الثوري؟ فقال: كذّاب. فأكبر