وكان صلّى الله عليه وسلّم يكثر الذّكر ويقلّ اللّغو، ويطيل الصّلاة ويقصر الخطبة، وكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتّى يقضي له حاجته.
(و) أخرج النسائي، والحاكم؛ عن عبد الله بن أبي أوفى، والحاكم عن أبي سعيد الخدري، قال الحاكم: على شرطهما. وأقرّه الذهبيّ. ورواه الترمذيّ في «العلل» عن ابن أبي أوفى، وذكر أنّه سأل عنه البخاريّ؛ فقال: هو حديث تفرّد به الحسين بن واقد؛ قاله المناوي. وقال العزيزي: هو حديث صحيح.
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم يكثر الذّكر) أي: ذكر الله تعالى، (ويقلّ اللّغو) ؛ أي: لا يلغو أصلا. قال ابن الأثير: القلّة تستعمل في نفي الشيء أصلا، ويجوز أن يريد باللغو الهزل والدعابة، أي: أنّه كان منه قليلا. انتهى «مناوي» .
وقال الحفني:«قوله اللغو» ؛ أي: المزاح. فالمراد باللغو غير الذكر من المزاح، فيقع منه قليلا. وهذا أظهر من حمل اللغو على حقيقته، فإنّه حينئذ يضيع قوله «يقل» إذ المعنى حينئذ: لا يلغو أصلا. انتهى.
(ويطيل الصّلاة ويقصر الخطبة) ، ويقول:«إنّ ذلك من علامة فقه الرّجل» .
(وكان لا يأنف ولا يستكبر) ، تفسير لقوله: لا يأنف.
(أن يمشي مع الأرملة) ؛ أي: التي لا زوج لها، (والمسكين والعبد) ، لأنه سيّد المتواضعين (حتّى يقضي له حاجته) قرب محلّها أو بعد.
وسيأتي حديث مسلم والترمذي؛ عن أنس: أنه جاءت امرأة إليه صلّى الله عليه وسلم، فقالت: إنّ لي إليك حاجة. فقال:«اجلسي في أيّ طرق المدينة شئت أجلس إليك حتّى أقضي حاجتك» .
وفيه بروزه للناس، وقربه منهم ليصل ذو الحقّ إلى حقّه، ويسترشد بأقواله وأفعاله، وصبره على تخمّل المشاقّ لأجل غيره ... وغير ذلك. انتهى «مناوي» .