قال: وجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- وكان متّكئا- قال:
«وشهادة الزّور» ؛ أو:«قول الزّور» ...
وهو يربّيه، ولذلك ذكرهما تعالى في سلك واحد، فقال. وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [٢٣/ الإسراء] .
(قال) أي: أبو بكرة (وجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ؛ تنبيها على عظم إثم شهادة الزور وتأكيد تحريمها وعظيم قبحها. (وكان متّكئا) قبل جلوسه.
وهذا وجه مناسبة الحديث للترجمة، لأن فيه الاتّكاء.
(قال) ؛ أي: النبيّ صلّى الله عليه وسلم استئناف بيانيّ، فكأنّ سائلا قال: ما فعل بعد ما جلس!! فقال: قال (وشهادة الزّور) ؛ عطف على ما سبق، أي: وأكبر الكبائر شهادة الزور.
وخصّها!! ١- لما يترتّب عليها من نحو قتل وزنا، و ٢- لغلبة وقوع الناس فيها واستهانتهم بها، فإنّ الشّرك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يضرب عنه الطبع. وأما الزور!! فالحامل عليه كثير؛ من نحو عداوة، وحسد، فاحتيج للاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لكونه فوق الإشراك؛ أو مثله، بل لتعدّي مفسدته إلى الغير، فكانت أبلغ ضررا من هذا الوجه.
قال القرطبي: شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصّل بها إلى الباطل؛ من إتلاف نفس، أو أخذ مال، أو تحليل حرام؛ أو تحريم حلال، فلا شيء أعظم ضررا منه، ولا أكثر فسادا بعد الشرك بالله. انتهى؛ ذكره العلامة ملا علي قاري.
قال المطرّزيّ: وأصل الزّور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته حتّى يخيّل لمن سمعه بخلاف ما هو. وقيل للكذب «زور» !! لأنه مائل عن جهته.
(أو «قول الزّور» ) شكّ من الراوي، لا من الصحابي، إذ يبعد نسيانه مع المبالغة وكثرة التكرار. ورواية البخاري لا شكّ فيها؛ وهي «ألا وقول الزّور، وشهادة الزّور» فما زال يكرّرها حتّى قلنا: ألا سكت!!.