عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنّه قال: ما سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا قطّ فقال: (لا) .
وبنو عقيل بفتحها؛ حملا على نقيضه وهو جبان، وبعضهم كسرها للتخفيف؛ فرارا من توالي حركات متوالية من جنس واحد، وهو: الشديد القلب عند البأس المستهين بالحروب. انتهى من «شرح المواهب» للزرقاني.
(عن جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام (رضي الله تعالى عنهما؛ أنّه قال) ؛ فيما رواه البخاريّ، ومسلم، والترمذي في «الشمائل» - وهذا لفظها-:
حدّثنا محمد بن بشّار؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي؛ قال: حدّثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر؛ قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول:
(ما سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ؛ أي: ما طلب منه أحد (شيئا) يقدر عليه من أمور الدنيا الخيرية (قطّ) أبدا، (فقال «لا) أعطيك» ردّا له، بل إمّا أن يعطيه؛ إن كان عنده المسئول، أو يقول له ميسورا من القول بأن يعده، أو يدعو له، فكان إن وجد جاد، وإلّا وعد؛ ولم يخلف الميعاد. ولذلك قال الفرزدق:
ما قال «لا» قطّ إلّا في تشهّده ... لولا التّشهّد كانت لاءه «نعم»
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» : ليس المراد بقول جابر «فقال:
«لا» » : أنّه يعطي ما يطلب منه جزما، بل المراد أنّه لا ينطق بالردّ، بل إن كان عنده شيء أعطاه؛ إن كان الإعطاء سائغا، وإلّا! سكت، أو اعتذر. قال:
وقد ورد بيان ذلك في حديث مرسل لابن الحنفية؛ عند ابن سعد- ولفظه-:
كان إذا سئل فأراد أن يفعل؛ قال «نعم» . وإن لم يرد أن يفعل سكت. وهو قريب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق: ما عاب طعاما قطّ إن اشتهاه أكله، وإلا تركه.
وبهذا لا يخالف ما ورد «أنّ من سأله حاجة لا يردّه إلّا بها؛ أو بميسور من القول» ذكره في «المواهب» .