وكان صلّى الله عليه وسلّم لا يسأل شيئا إلّا أعطاه، ثمّ يعود على قوت عامه فيؤثر منه، حتّى لربّما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيء.
قال الباجوري: والمراد أنّه لم يقل «لا» ؛ منعا للإعطاء، فلا ينافي أنّه قاله ١- اعتذارا؛ إن لاق الاعتذار، كما في قوله «لا أجد ما أحملكم عليه» ، أو ٢- تأديبا للسائل؛ إن لم يلق به الاعتذار، كما في قوله للأشعريين «والله لا أحملكم» ، فهو تأديب لهم لسؤالهم ما ليس عنده؛ مع تحقّقهم ذلك، ومن ثمّ حلف حسما لطمعهم في تكليفه التحصيل مع عدم الاضطرار إلى ذلك. انتهى.
(و) في «الإحياء» : (كان صلّى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلّا أعطاه) .
قال العراقي: رواه الطيالسيّ، والدارميّ؛ من حديث سهل بن سعد.
وللبخاريّ من حديثه: أنّ الرّجل الذي سأله الشملة؛ فقال له القوم: سألته إيّاها؛ وقد علمت أنّه لا يردّ سائلا!! الحديث.
ولمسلم من حديث أنس: ما سئل على الإسلام شيئا إلّا أعطاه.
وفي «الصحيحين» ؛ من حديث جابر: ما سئل شيئا قطّ؛ فقال «لا» . انتهى.
قلت: ورواه الحاكم؛ من حديث أنس بلفظ: لا يسأل شيئا إلّا أعطاه. أو سكت.
وروى الإمام أحمد؛ من حديث أبي أسيد السّاعدي: كان لا يمنع شيئا يسأله.
وكان صلّى الله عليه وسلم يؤثر على نفسه وأولاده، فيعطي عطاء تعجز عنه الملوك؛ كما سيأتي للمصنّف تفصيله.
ومن ذلك مما لم يذكره: جاءته امرأة يوم حنين أنشدته شعرا تذكّره أيّام رضاعته في هوازن، فردّ عليهم ما قيمته خمسمائة ألف ألف.
قال ابن دحية: وهذا نهاية الجود الذي لم يسمع بمثله. انتهى «إتحاف» .
(ثمّ يعود على قوت عامه) الّذي ادّخره لعياله، (فيؤثر منه) على نفسه وعياله (حتّى لربّما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيء) .