للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنّه صلّى الله عليه وسلّم لا ذنب عليه؛ لكونه معصوما.

وأحسن ما قيل فيه: أنّه من باب (حسنات الأبرار.. سيّئات المقرّبين) ، ...

استشكله العلماء المتقدّمون والمتأخّرون (بأنّه صلى الله عليه وسلّم لا ذنب عليه؛ لكونه معصوما) من الذّنوب، أي: يستحيل في حقّه ارتكاب الذّنوب صغيرها وكبيرها، قبل النبوة وبعدها، فكيف يقال له: غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟!

وأجيب بأجوبة؛ منها أنّ معنى الغفران: الإحالة بينه وبين الذنوب، فلا يصدر منه ذنب، لأنّ الغفر: هو الستر، والستر؛ إمّا: بين العبد والذنب، أو: بين الذنب وعقوبته، فاللائق به وبسائر الأنبياء الأوّل. واللائق بالأمم الثاني.

أو هو مبالغة؛ ك «زيد يضرب من يلقاه ومن لا يلقاه» ؛ مع أن من لا يلقاه لا يمكن ضربه.

(وأحسن ما قيل فيه) من الأجوبة (: أنّه من باب) قولهم (حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين) . هو من كلام أبي سعيد الخرّاز. كما رواه ابن عساكر في ترجمته، وهو من كبار الصوفية، مات سنة: - ٢٨٠- ثمانين ومائتين.

وعدّه بعضهم حديثا! وليس كذلك، وقال النجم الغزّيّ: رواه ابن عساكر أيضا؛ عن أبي سعيد الخرّاز من قوله. وحكي عن ذي النون. انتهى.

وعزاه الزركشي في «لقطة العجلان» للجنيد، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في «شرحها» : الفرق بين الأبرار والمقرّبين: أنّ المقرّبين هم الذين أخذوا عن حظوظهم وإرادتهم، واستعملوا في القيام بحقوق مولاهم؛ عبودية وطلبا لرضاه. وإن الأبرار هم الّذين بقوا مع حظوظهم وإرادتهم، وأقيموا في الأعمال الصالحة ومقامات اليقين؛ ليجزوا على مجاهدتهم برفع الدرجات.

انتهى.

ومعناه: أنّ هؤلاء المقرّبين كلّما ترقّوا في المقامات رأوا ما كانوا فيه نقصا في مراتبهم؛ فيستغفرون الله من ذلك، لأنهم يعدّونه ذنبا بالنسبة لعليّ مراتبهم، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>