إذ الإنسان لا يخلو عن تقصير، من حيث ضعف العبوديّة مع عظمة الرّبوبيّة، وإن كان صلّى الله عليه وسلّم في أعلى المقامات وأرفع الدّرجات في عباداته وطاعاته.
وقد قال صلّى الله عليه وسلّم:«سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» .
كان هو ليس ذنبا في الواقع!! وهو صلى الله عليه وسلّم لا يزال يترّقى في الكمالات، ويمنح جزيل الفيوضات من ربّ البريّات، إذ ما من كمال إلّا وعند الله أكمل منه، وكلّما ترقّى شعر بالتقصير في حقّ مولاه؛ فيرى أنّ ما انتقل عنه ذنب بالنسبة إلى الذي انتقل إليه.
أو المراد بالذنب في حقّه صلى الله عليه وسلّم ما عسى أن يكون وقع منه من سهو وتقصير، (إذ الإنسان لا يخلو عن تقصير) وتوان ونسيان؛ (من حيث ضعف العبوديّة مع عظمة الرّبوبيّة) ، كما قال تعالى كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣)[عبس] فما كان من هذا القبيل؛ فهو مغفور له؛ فأعلمه الله عزّ وجلّ بذلك وأنّه مغفور له.
قال ملا علي قاري: والظاهر أنّ المراد ب «ما تقدّم» : ما فعله مع نوع تقصير، وب «ما تأخر» : ما تركه سهوا؛ أو نسيانا في التأخير.
(و) الحاصل أنّه و (إن كان صلى الله عليه وسلّم في أعلى المقامات وأرفع الدّرجات في عباداته وطاعاته) لكن لا يستغني أحد عن فضله سبحانه، لأنّ من شأن العبد الكامل أن يرى جميع ما يأتي إليه على سبيل العبودية والذّلّ والخضوع من الطاعات كلّه نقص وقلّة أدب، قال الله تعالى ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)[٧٤/ الحج] فيرى جميع طاعاته ناقصة يستحقّ عليها العقوبة لولا عفو الله تعالى؛ ولو بلغ أعلى درجات الكمال، وذلك بالنظر لجلال الله تعالى.
(وقد) أشار إلى ذلك معلّم الشريعة حيث (قال صلى الله عليه وسلّم: «سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك؛ لا أحصي ثناء عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك» ) ، مع أنه قام