وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصومه، فلمّا قدم المدينة..
صامه وأمر بصيامه، ...
وفي «صحيح مسلم» أنّ صوم عاشوراء يكفّر سنة، وصوم عرفة يكفّر سنتين.
وحكمته: أنّ عاشوراء موسويّ ويوم عرفة محمّديّ. وورد:«من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه السّنة كلّها» . وطرقه؛ وإن كانت ضعيفة؛ لكن قوّى بعضها بعضا.
وأمّا ما شاع فيه من الخضاب؛ والادّهان، والاكتحال، وطبخ الحبوب وغير ذلك!! فموضوع مفترى، حتى قال بعضهم: الاكتحال فيه بدعة ابتدعها قتلة الحسين.
لكن ذكر السيوطي في «الجامع الصغير» : «من اكتحل بالإثمد يوم عاشورا لم يرمد أبدا» . رواه البيهقي بسند ضعيف. انتهى «باجوري» .
(وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصومه) بمكّة كما تصومه قريش، ولا يأمر به.
(فلمّا قدم المدينة صامه وأمر) النّاس (بصيامه) . وفي الحديث اختصار يوضّحه ما رواه الشيخان، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه؛ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم لمّا قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشورا، فسألهم عن ذلك!؟ فقالوا هذا يوم أنجى الله فيه موسى، وأغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا؛ فنحن نصومه. فقال:«نحن أحقّ بموسى منكم» ! فصامه وأمر بصيامه.
واستشكل رجوعه إليهم في ذلك!! وأجيب باحتمال أن يكون أوحي إليه بصدقهم، أو تواتر عنده الخبر بذلك، أو أخبره به من أسلم منهم؛ كابن سلام، على أنّه ليس في الخبر أنّه ابتدأ الأمر بصيامه، بل في حديث عائشة تصريح بأنّه كان يصومه قبل. فغاية ما في القصّة أنّه صفة حال وجواب سؤال؛ فلا تعارض بينه وبين خبر عائشة «إنّ أهل الجاهلية كانوا يصومونه» ، إذ لا مانع من توارد الفريقين مع اختلاف السبب في ذلك!!.