ثم رأيتني في «شرح سيد الاستغفار» ذكرت لذلك زيادة؛ وهي قوله: ومن إطلاقه المساء على ما ذكر- أي: من غروب شمس اليوم، والصباح على ما يأتي، أي: طلوع الفجر- يؤخذ ما قرّرناه سابقا أنّ الأذكار المقيّدة بالصباح والمساء ليس المراد منها حقيقتهما من نصف الليل إلى الزوال في الأول، ومنه إلى نصف الليل في الثاني؛ كما نقل عن ثعلب! وإنما المراد بهما العرف: من أوائل النهار في الأول، وآخره في الثاني.
ويؤيّده أنّ ابن أمّ مكتوم الأعمى مؤذّن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان لا يؤذّن الأذان الثاني الذي هو علامة على الفجر الصادق حتى يقال له «أصبحت ... أصبحت» . وفي الصباح ابتداؤه من هذا الوقت وما قرب منه؛ لا من نصف الليل، وشروع الأذان منه عندنا لا يدلّ على أنّه من حينئذ لا يسمّى «صباحا» . انتهى.
وسبقه لذلك ابن الجزري؛ فقال: من قال «إنّ ذكر المساء يدخل بالزوال» ؛ فكيف يعمل في قوله «أسألك خير هذه اللّيلة وما بعدها» !! وهل تدخل الليلة إلّا بالغروب!؟ انتهى.
وسبقه أيضا لذلك العلامة الرداد؛ وزاد بيان آخر الوقت في كلّ منهما؛ فقال في «موجبات الرحمة وعزائم المغفرة» : وقت أذكار الصباح: من طلوع الفجر إلى أن تكون الشمس من ناحية المشرق كهيئتها من ناحية المغرب عند العصر، ووقت أذكار المساء: من بعد صلاة العصر إلى المغرب إلى أن يمضي ثلث الليل أو نصفه.
والله أعلم.
وقال ابن حجر في «شرح المشكاة» ؛ في الكلام على حديث عثمان «ما من عبد يقول في صباح كلّ يوم ومساء كلّ ليلة ... » الخ. قال «ثمّ» في صباح ومساء، وحين يصبح وحين يمسي أنّه لو قال أثناء النهار؛ أو الليل لا تحصل له تلك الفائدة، وعظيم بركة الذكر يقتضي الحصول. انتهى. ذكر جميع ذلك الشيخ العلامة محمد بن علي بن علّان الصديقي في «شرح الأذكار» رحمه الله تعالى آمين.