للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل الجبّانة.. يقول: «السّلام عليكم أيّتها الأرواح الفانية، والأبدان البالية، والعظام النّخرة الّتي خرجت من الدّنيا وهي بالله مؤمنة، اللهمّ؛ أدخل عليهم روحا منك وسلاما منّا» .

(و) أخرج ابن السّنّي في «عمل اليوم والليلة» ؛ عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: (كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا دخل الجبّانة) - بالجيم والموحدة المشدّدة المفتوحتين-: محلّ الدفن. سمّي به!! لأنه يجبن ويفزع عند رؤيته، ويذكر الحلول فيه.

وقال ابن الأثير: الجبّانة الصحراء، وتسمّى بها المقابر!! لأنها تكون في الصحراء؛ تسمية للشيء باسم موضعه. ذكره المناوي؛ على «الجامع» .

(يقول: «السّلام عليكم أيّتها الأرواح الفانيّة) ؛ أي: الفاني أجسادها، إذ الأرواح لا تفنى، ولذا أتى بالجملة بعدها مفسّرة لذلك، أعني قوله:

(والأبدان البالية) ؛ أي: في غير نحو الشهداء ممن لا تبلى أجسادهم؛ المنظومة في قول بعضهم:

لا تأكل الأرض جسما للنّبيّ ولا ... لعالم وشهيد قتل معترك

ولا لقارئ قرآن ومحتسب ... أذانه لإله مجري الفلك

وزيد من صار صدّيقا كذلك من ... غدا محبّا لأجل الواحد الملك

ومن يموت بطعن والرّباط ومن ... كثير ذكر وهذا أعظم النّسك

(والعظام النّخرة) : المتفتّتة، تقول: نخر العظم نخرا من باب «تعب» :

بلي وتفتّت؛ فهو نخر وناخر (الّتي خرجت) - صفة للأرواح- (من الدّنيا؛ وهي بالله) ؛ لا بغيره كما يؤذن به تقديم الجارّ والمجرور على قوله (مؤمنة) أي:

مصدّقة موقنة. (اللهمّ؛ أدخل عليهم روحا) - بفتح الراء-؛ أي سعة واستراحة ورحمة (منك وسلاما منّا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>