للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الصّلاة ... الصّلاة، اتّقوا الله فيما ملكت أيمانكم» .

وكان آخر ما تكلّم به صلّى الله عليه وسلّم أن قال: «قاتل الله اليهود والنّصارى؛ اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ...

وقوله: ( «الصّلاة الصّلاة) ؛ أي: احفظوها بالمواظبة عليها، والإتيان بها في أوقاتها، فهو منصوب على الإغراء، وكرّره للتأكيد.

(اتّقوا الله فيما ملكت أيمانكم» ) ؛ أي: فيما ملكتم من الأرقّاء بالإنفاق عليهم، والرّفق بهم، وخصّ اليمين!! لأنّ أكثر تصرّف الشخص فيما يملك بيده اليمنى، فأضيف الملك إليها لذلك، وقرن الوصيّة بالصّلاة الوصيّة بالمملوك!! إشارة إلى وجوب رعاية حقّه على سيّده كوجوب الصلاة. قالوا: وذا من جوامع الكلم، لشمول الوصية بالصلاة لكلّ مأمور ومنهي إذ هي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وشمول ما ملكت أيمانكم لكلّ ما يتصرّف فيه ملكا وقهرا، لأنّ «ما» عامّ في ذوي العلم وغيرهم، فلذا جعله آخر كلامه. انتهى. ذكره شرّاح «الجامع الصغير» .

(و) أخرج البيهقي في «سننه» ؛ عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه قال: (كان آخر ما تكلّم به) النبيّ (صلى الله عليه وسلّم أن قال «قاتل الله اليهود والنّصارى) ؛ أي: قتلهم وأهلكهم. (اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد) هذا ظاهر في اليهود؛ دون النّصارى، إذ ليس لهم نبيّ مدفون، لأن سيدنا عيسى رفع وليس بينه وبين نبيّنا نبيّ أصلا!! فإمّا أن يكون ضمير «اتخذوا» راجعا لليهود فقط، وإما يكون راجعا للنصارى أيضا باعتبار إطلاق لفظ الأنبياء على أحبارهم تجوّزا، لأنّهم كانوا يعظّمونهم كتعظيم الأنبياء ويسجدون إلى قبورهم، وهذا نهي لأمّته عن مثل فعلهم. ويؤيده قوله في رواية لمسلم: «قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» .

ولهذا لما أفرد النّصارى في حديث قال: «إذا مات فيهم الرجل الصّالح» ، ولما أفرد اليهود في حديث قال: «قبور أنبيائهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>