بيان لسنده؛ ولا لصحابيّه، وعزاه العراقي لآدم بن أبي إياس في كتاب «العلم والحكم» بغير بيان لسنده أيضا؛ بلفظ:«اختلاف أصحابي رحمة لأمّتي» وهو مرسل ضعيف.
وبهذا اللفظ أيضا ذكره البيهقي في «رسالته الأشعرية» بغير إسناد.
وفي «المدخل» له عن القاسم بن محمد من قوله: اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم رحمة لعباد الله.
وفيه أيضا عن عمر بن عبد العزيز: أنّه كان يقول: ما سرّني لو أنّ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة.
وفيه أيضا عن يحيى بن سعيد أنه قال: أهل العلم أهل توسعة، وما برح المفتون يختلفون؛ فيحلّل هذا ويحرّم هذا. فلا يعيب هذا على هذا.
ثمّ قال في «المقاصد» أيضا: قرأت بخط شيخنا- يعني الحافظ ابن حجر- أنّه حديث مشهور على الألسنة. وقد أورده ابن الحاجب في «المختصر» في مباحث القياس بلفظ: «اختلاف أمتي رحمة للناس» ، وكثر السؤال عنه، وزعم كثير من الأئمّة أنّه لا أصل له، لكنّه ذكره الخطّابي في «غريب الحديث» مستطردا؛ فقال:
اعترض هذا الحديث رجلان: أحدهما ماجن، والآخر ملحد؛ وهما إسحاق الموصلي، وعمرو بن بحر الجاحظ، وقالا: لو كان الاختلاف رحمة؛ لكان الاتفاق عذابا، ثمّ تشاغل الخطابي بردّ كلامهما، ولم يشف في عزو الحديث؛ لكنّه أشعر بأن له أصلا عنده.
ثمّ قال الخطّابي: والاختلاف في الدّين ثلاثة أقسام:
الأول: في إثبات الصانع ووحدانيّته، وإنكاره كفر.
والثاني: في صفاته ومشيئته، وإنكارهما بدعة.
والثالث: في أحكام الفروع المحتملة وجوها؛ فهذا جعله الله رحمة وكرامة للعلماء، وهو المراد بحديث:«اختلاف أمتي رحمة» انتهى.