وقال النووي في «شرح مسلم» ج ١١ ص ٩٢: ولا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضدّه عذابا، ولا يلتزم هذا ولا يذكره إلّا جاهل أو متجاهل، وقد قال تعالى وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا [٧٣/ القصص] فسمّى اللّيل رحمة، ولا يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا انتهى.
ومثله يقال: فيما رواه ابن أبي عاصم في «السنة» عن أنس مرفوعا:
«لا تجتمع أمتي على ضلالة» ، ورواه الترمذي عن ابن عمر بلفظ:«لا يجمع الله أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة» .
ورواه أحمد، والطبراني في «الكبير» عن أبي نصر الغفاري في حديث رفعه:
«سألت ربّي ألاتجتمع أمتي على ضلالة» . فقد قيل مفهومه: إن اختلاف هذه الأمة ليس رحمة ونعمة، لكن فيه ما تقدم نظيره عن النووي وغيره.
وفي «الموضوعات» للعلامة ملا علي قاري: أن السيوطي قال- يعني في «الجامع الصغير» -: أخرجه نصر المقدسي في «الحجة» ، والبيهقي في «الرسالة الأشعرية» بغير سند، ورواه الحليمي والقاضي الحسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعلّه خرّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا!!.
ثمّ قال السيوطي؛ عقب ذكره لكلام عمر بن عبد العزيز: وهذا يدلّ على أنّ المراد اختلافهم في الأحكام الفرعية، وقيل: في الحرف والصنائع، والأصحّ الأول، فقد أخرج الخطيب في رواة مالك؛ عن إسماعيل بن أبي المجالد قال:
قال هارون الرشيد لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله؛ نكتب هذه الكتب- يعني مؤلفات الإمام مالك- ونفرّقها في آفاق الإسلام لنحمل عليها الأمّة؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمّة، كلّ يتبع ما صحّ عنده، وكل على هدى، وكلّ يريد الله تعالى.
وفي «مسند الفردوس» عن ابن عباس مرفوعا: «اختلاف أصحابي لكم رحمة» . وذكر ابن سعد في «طبقاته» ؛ عن القاسم بن محمد أنه قال: كان