للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

وتخصيص عامّها، بخلاف غيرهم؛ لانقراض أتباعهم.

وقد نقل الإمام الرازي رحمه الله تعالى إجماع المحققين على منع العوامّ من تقليد أعيان الصحابة وأكابرهم. انتهى.

نعم؛ يجوز لغير عامّي من الفقهاء المقلّدين تقليد غير الأربعة في العمل لنفسه؛ إن علم نسبته لمن يجوز تقليده وجمع شروطه عنده.

لكن بشرط ألايتتبع الرّخص بأن يأخذ من كلّ مذهب بالأسهل بحيث تنحلّ ربقة التكليف من عنقه. وإلا! لم يجز. خلافا لابن عبد السلام حيث أطلق جواز تتبّعها، وقد يحمل كلامه على ما إذا تتبّعها على وجه لا يصل إلى الانحلال المذكور.

وقول ابن الحاجب كالآمدي «من عمل في مسألة بقول إمام ليس له العمل فيها بقول غيره اتفاقا» !! إن أراد به اتفاق الأصوليين، فلا يقضي على اتفاق الفقهاء والكلام فيه. وإلا! فهو مردود، أو مفروض فيما لو بقي من آثار العمل الأول ما يستلزم تركّب حقيقة لا يقول بها كلّ من الإمامين؛ كتقليد الإمام الشافعي في مسح بعض الرأس؛ والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة؛

فعلم أنّه إنما يمتنع تقليد الغير في تلك الواقعة نفسها، لا مثلها.

كأن أفتي ببينونة زوجته بنحو تعليق فنكح أختها، ثم أفتي بأن لا بينونة ليس له الرجوع للأولى بغير إبانتها «١» . وكأن أخذ بشفعة جوار تقليدا للحنفي، ثم استحقت عليه فيمتنع تقليده للشافعي في تركها؛ لأنّ كلّا من الإمامين لا يقول به، فلو اشترى بعده عقارا وقلّد الإمام الشافعي في عدم القول بشفعة الجوار لم يمنعه ما تقدّم من تقليده في ذلك، فله الامتناع من تسليم العقار الثاني، وإن قال الآمدي وابن الحاجب ومن على قدمهما- كالمحلّي- بالمنع في هذا، وعمومه في جميع صور


(١) أي الأخت الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>