قال بعضهم: ومحل ما مرّ من منع تتبّع الرّخص إذا لم يقصد به مصلحة دينيّة، وإلا! فلا منع؛ كبيع مال الغائب، فإن السبكيّ أفتى بأن الأولى تقليد الشافعي فيه، لاحتياج الناس غالبا في نحو مأكول ومشروب إليه، والأمر إذا ضاق اتسع.
وعدم تكرير الفدية بتكرر المحرم اللّبس، فالأولى تقليد الشافعي لمالك فيه. كما أفتى به الأبشيطي رحمه الله تعالى.
وذهب الحنفية إلى منع الانتقال مطلقا. قال في «فتح القدير» : المنتقل من مذهب لمذهب باجتهاد وبرهان آثم، عليه التعزير وبدونهما أولى.
ثم حقيقة الانتقال إنما تتحقق في حكم مسألة خاصّة قلّد فيها وعمل بها، وإلا! فقوله «قلّدت أبا حنيفة فيما أفتى به من المسائل أو التزمت العمل به» على الإجمال وهو لا يعرف صورها! ليس حقيقة التقليد بل وعد به، أو تعليق له كأنّه التزم العمل بقوله فيما يقع له، فإذا أراد بهذا الالتزام؛ فلا دليل على وجوب اتباع المجتهد بالزامه نفسه بذلك! قولا أو نيّة شرعا، بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما يحتاجه بقوله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧)[الأنبياء] ، والمسؤول عنه إنّما يتحقّق عند وقوع الحادثة!!. قال: والغالب أنّ مثل هذه الالتزامات لكفّ الناس عن تتبّع الرّخص، إلا أنّ أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخفّ عليه، ولا يدرى ما يمنع هذا من النقل والعقل. انتهى.
وذهب بعض المالكية إلى جواز الانتقال بشروط: ففي «التنقيح» للقرافي؛ عن الزناتي: التقليد يجوز بثلاثة شروط
١- ألايجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع؛ كمن تزوّج بلا صداق، ولا وليّ ولا شهود؛ فإنه لم يقل به أحد. و ٢- أن يعتقد في مقلّده الفضل، و ٣- ألايتتبع الرخص والمذاهب.
وعن غيره: يجوز فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي، وهو ما خالف الإجماع، أو القواعد الكليّة، أو القياس الجليّ.