لا طمعا في جنته ولا خوفا من ناره، ولا للسلامة من عضّة الدّهر ونكبته؛ وذلك لأن الإخلاص ثلاث درجات:
عليا: وهو أن يعمل العبد لله وحده! امتثالا لأمره وقياما بحق ربوبيّته.
ووسطى: وهو أن يعمل لثواب الآخرة.
ودنيا: وهو أن يعمل للإكرام في الدنيا والسلامة من آفاتها.
وما عدا هذه الثلاث المراتب؛ فهو من الرّياء، فإذا اخلصت العمل لله تعالى
(يجزك منه) ؛ أي: من العمل الخالص لله (القليل» ) وتكون تجارتك رابحة، وفي «التوراة» : ما أريد به وجهي فقليله كثير، وما أريد به غير وجهي فكثيره قليل.
ومن كلامهم: لا تسع في إكثار الطاعة بل إخلاصها.
وقال الغزالي: أقلّ طاعة سلمت من الرياء والعجب وقارنها الإخلاص يكون لها عند الله تعالى من القيامة ما لا نهاية له. وأكثر طاعة إذا أصابتها هذه الآفة لا قيمة لها، إلّا أن يتداركها الله تعالى بلطفه.
قال ابن الكمال: الإخلاص- لغة-: ترك الرياء في الطاعة.
واصطلاحا-: تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدّر لصفائه، وكلّ شيء تصوّر أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه فخلص منه سمّي خالصا.
قال بعضهم: ولا شكّ أن كلّ من أتى بفعل اختياري فلا بدّ له فيه من غرض، فمهما كان الباعث واحدا سمّي الفعل الصادر عنه إخلاصا؛ فمن تصدّق وغرضه محض الرياء؛ فهو غير مخلص، ومن كان غرضه محض التقرّب إلى الله تعالى! فهو مخلص، لكن العادة جارية بتخصيص اسم الإخلاص بتجريد قصد التقرّب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب، كما أن الإلحاد عبارة عن الميل، لكن خصّصته العادة