للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزهّده في الدّنيا، وبصّره عيوبه» .

ينفع القلب. وعلم الفقه المعلوم! وإن كان خيرا كبيرا! لا دخل له في تطهير القلب، إذ هو مجرد أحكام ووقائع. انتهى.

(وزهّده) - بالتشديد-: صيّره زاهدا (في الدّنيا) ؛ أي: جعل قلبه معرضا عنها، مبغضا محقرا لها؛ رغبة به عنها، تكريما له، وتطهيرا عن أدناسها، ورفعة عن دناءتها.

(وبصّره) - بالتشديد- (عيوبه» ) ؛ أي: عرّفه بها وأوضحها له؛ ليتجنّبها كأمراض القلب؛ من نحو حسد وحقد، وغلّ وغش، وكبر ورياء، ومداهنة وخيانة، وطول أمل وقسوة قلب، وعدم حياء وقلّة رحمة.. وأمثالها.

وفيه دلالة على أنّ الزهد في الدنيا علامة إرادة الله الخير بعبده.

قال الغزالي: والزهد فيها: أن تنقطع همّته عنها ويستقذرها ويستنكرها؛ فلا يبقى لها في قلبه اختيار ولا إرادة، والدنيا وإن كانت محبوبة مطلوبة للإنسان؛ لكن لمن وفّق التوفيق الخاصّ وبصّره الله بافاتها تصير عنده كالجيفة، وإنما يتعجّب من هذا الراغبون في الدنيا، العميان عن عيوبها وآفاتها، المغترّون بزخرفها وزينتها، ومثل ذلك: إنسان صنع حلوى من أغلى السكر وعجنها بسمّ قاتل، وأبصر ذلك رجل ولم يبصره آخر. ووضعه بينهما، فمن أبصر ما جعل فيه من السّمّ زهده، وغيره يغترّ بظاهره فيحرص عليه، ولا يصبر عنه؛ قاله المناوي على «الجامع» .

والحديث رواه البيهقي في «شعب الإيمان» ؛ عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وعن محمد بن كعب القرظي مرسلا، ورواه الديلمي في «مسند الفردوس» عن أنس أيضا، قال العراقي: وإسناده ضعيف جدّا، وقال غيره:

واه؛ قاله المناوي على «الجامع» .

<<  <  ج: ص:  >  >>