للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥- «إذا أراد الله بعبد خيرا.. فقّهه في الدّين، ...

وبالجملة فهو كما قال ابن تيمية: لا يعرف له إسناد ثابت. وقال السيوطي في «الدرر» : ضعّفه ابن السّمعاني وابن الجوزي، وصحّحه أبو الفضل ابن ناصر رحمهم الله تعالى، آمين.

١٥- ( «إذا أراد الله بعبد خيرا) كاملا (فقّهه في الدّين) ؛ أي: فهّمه الأحكام الشرعية بتصوّرها والحكم عليها، أو باستنباطها من أدلّتها، وكلّ ميسّر لما خلق له، هذا ما عليه الجمهور.

وقال الغزالي: أراد العلم بالله وصفاته الّتي تنشأ عنها المعارف القلبيّة؛ لأنّ الفقه المتعارف؛ وإن عظم نفعه في الدّين؛ لكنّه يرجع إلى الظواهر الدينيّة، إذ غاية نظر الفقيه في الصّلاة مثلا الحكم بصحّتها عند توفّر الواجبات والمعتبرات.

وفائدته: سقوط الطلب في الدنيا. وأما قبولها وترتّب الثواب فليس من تعقّله، بل يرجع إلى عمل القلب وما تلبّس به من نحو خشية ومراقبة، وحضور وعدم رياء ونحو ذلك؛ فهذا لا يكون أبدا إلا خالصا لوجه الله، فهو الّذي يصحّ كونه علامة على إرادة الخير بالعبد.

وأما الفقهاء فهم في واد والمتزوّدون للآخرة بعلمهم في واد. ألا ترى إلى قول مجاهد «إنّما الفقيه من يخاف الله» ، وقول الحسن- لمن قال «قال الفقهاء» -:

وهل رأيت فقيها؛ إنّما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة!! والفقه في المعرفة أشرف كلّ معلوم، لأن كلّ صفة من صفاته توجب أحوالا ينشأ عنها التلبّس بكلّ خلق سنيّ، وتجنّب كلّ خلق رديّ.

فالعارفون أفضل الخلق، فهم بالإرادة أخلق وأحقّ. وأمّا تخصيص الفقه بمعرفة الفروع وعللها! فتصرّف حادث بعد الصدر الأول.

انتهى؛ من المناوي على «الجامع» .

وقال الحفني على «الجامع الصغير» : الظاهر أن المراد في هذا الحديث ونظيره بالفقه: العلم بالله تعالى وصفاته والتخلّق بمقتضى ما علم؛ إذ هذا هو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>