للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [٤٠/ فصلت] ، وقوله تعالى فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [١٥/ الزمر] فإذا ارتفع الحياء صنعت النفس ما تهوى، وأنشد بعضهم:

إذا لم تخش عاقبة اللّيالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدّنيا إذا ذهب الحياء

وقال آخر:

إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ... وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع

أو الأمر للإباحة؛ أي: انظر إلى ما تريد أن تفعله، فإن كان ممّا لا يستحى من الله ومن الناس في فعله؛ فافعله، وإن كان ممّا يستحى من الله ومن الناس في فعله؛ فدعه.

وعلى هذا مدار الأحكام من حيث إن الفعل إمّا أن يستحيا منه؛ وهو ١- الحرام و ٢- المكروه و ٣- خلاف الأولى، واجتنابها مشروع. أو لا يستحيا منه وهو ١- الواجب و ٢- المندوب، و ٣- المباح، وفعل الأوّلين مطلوب. والثالث جائز.

والحياء- بالمدّ- لغة: تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به.

وقيل: انقباض وخشية يجدها الإنسان من نفسه عندما يطّلع منه على قبيح.

واصطلاحا: خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حقّ ذي الحقّ.

وأمّا الحيا- بالقصر-! فيطلق على المطر، وعلى فرج الناقة.

وقد صحّ أنه صلى الله عليه وسلّم قال: «الحياء خير كلّه؛ لا يأتي إلّا بخير» .

وحكي أنّ رجلا رأى «١» النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: أنت قلت «الحيا خير كلّه» ؟

بالقصر- فقال: لا. ثمّ رآه ثانيا فسأله مثل ذلك؛ فقال: لا، فأخبر بذلك بعض


(١) الظاهر أنه في المنام!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>