للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨- «إذا نزل القضاء.. عمي البصر» .

١٨- ( «إذا نزل القضاء) ؛ أي: المقضيّ (عمي البصر) ؛ أي: غطّي عنه نور العقل حتّى لا يرى بنوره المنافع فيطلبها، ولا المضارّ فيجتنبها، فهو محجوب بحجاب القدرة مع بقاء صورته، فكم من متردّ في مهلكة وهو يبصرها، ومفوّت منفعة في دينه أو دنياه وهو مشرف عليها. قال تعالى وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨) [الأعراف] ومنه علم: أن العبد لا يملك لنفسه ضرّا ولا نفعا، وأنّه لا رادّ لقضائه بالنقض، ولا معقّب لحكمه بالرّد.

وهذا الحديث رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

وأخرجه البيهقي من قول ابن عباس بلفظ: إنّ القدر إذا جاء حال دون البصر.

قاله جوابا عن قول نافع بن الأزرق في معناه «أرأيت الهدهد كيف يجيء فينقر الأرض فيصيب موضع الماء، ويجيء إلى الفخّ؛ وهو لا يبصره حتى يقع في عنقه» ؟!

ورواه الترمذي بلفظ: «إذا جاء القدر عمي البصر، وإذا جاء الحين غطّى العين» . ورواه ابن أبي شيبة والحاكم- وصححه- من طرق عن ابن عباس أنّه قيل له: كيف تفقّد سليمان الهدهد من بين الطّير؛ قال: إنّ سليمان نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء، وكان الهدهد يدلّ سليمان على الماء، فأراد أن يسأله عنه فتفقّده.

قيل: «كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخّ، ويلقى عليه التراب، ويضع له الصبيّ الحبالة؛ فيغيّبها فيصيده» ؟! فقال: إذا جاء القضاء ذهب البصر.

وفي رواية سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن يوسف بن ماهك: أنّ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ذكر يوما الهدهد، فقال: يعرف بعد مسافة الماء في الأرض.

فقال نافع بن الأزرق: قف.. قف يا ابن عباس، كيف تزعم أنّ الهدهد يرى الماء من تحت الأرض؛ وهو ينصب له الفخّ فيذر عليه التراب فيصاد؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>