للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

ومن نازع إنسانا في محبوبه كرهه وقلاه، ومن لم يعارضه فيه أحبّه واصطفاه.

ولهذا قال الحسن البصري: لا يزال الرجل كريما على الناس حتى يطمع في دنياهم؛ فيستخفّون به ويكرهون حديثه.

وقيل لبعض أهل البصرة: من سيّدكم؟ قالوا: الحسن البصري، قيل: بم سادكم؟ قال: احتجنا لعلمه، واستغنى عن دنيانا. انتهى.

وقال النووي في «شرح الأربعين» قوله: «ازهد في الدنيا.. الخ» الزّهد:

ترك ما لا يحتاج إليه من الدنيا؛ وإن كان حلالا، والاقتصار على الكفاية.

والورع: ترك الشبهات. قالوا: وأعقل الناس الزهاد؛ لأنّهم أحبوا ما أحبّ الله، وكرهوا ما كره الله تعالى من جمع الدنيا، واستعملوا الراحة لأنفسهم.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو «أوصي لأعقل الناس» ! صرف إلى الزّهاد.

ولبعضهم:

كن زاهدا فيما حوت أيدي الورى ... تضحى إلى كلّ الأنام حبيبا

أو ما ترى الخطّاف حرّم زادهم ... فغدا رئيسا في الجحور قريبا

وللشافعي رضي الله تعالى عنه في ذمّ الدّنيا:

ومن يذق الدّنيا فإنّي طعمتها ... وسيق إلينا عذبها وعذابها

فلم أرها إلّا غرورا وباطلا ... كما لاح في ظهر الفلاة سرابها

وما هي إلّا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همّهنّ اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها

فدع عنك فضلات الأمور فإنّها ... حرام على نفس التّقيّ ارتكابها

قوله: «حرام على نفس التقي ارتكابها» يدلّ على تحريم الفرح بالدّنيا، وقد صرّح بذلك البغوي في تفسير قوله تعالى وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا [٢٦/ الرعد] .

<<  <  ج: ص:  >  >>