٢٠- «ازهد في الدّنيا.. يحبّك الله، وازهد فيما في أيدي النّاس.. يحبّك النّاس» .
وتمام الحديث:«واغفروا يغفر لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرّين الّذين يصرّون على ما فعلوا وهم يعلمون»
أخرجه الإمام أحمد وعبد بن حميد والبخاري في «الأدب» . والبيهقي في «شعب الإيمان» والطبراني بسند جيّد؛ كما قال المنذري والعراقي.
وقال الحافظ الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير حبان بن زيد الشرعبي وثّقه ابن حبان؛ قاله المناوي.
وقوله:«لأقماع القول» : - بفتح الهمزة جمع قمع؛ بكسر القاف وفتح الميم كضلع-: وهو الإناء الذي ينزل في رؤوس الظروف لتملأ بالمائعات، ومنه ويل لأقماع القول شبّه أسماع الّذين يستمعون القول؛ ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع الّتي لا تعي شيئا ممّا يفرغ فيها، فكأنه يمرّ عليها مجتازا كما يمرّ الشراب في الأقماع!! والله أعلم.
٢٠- ( «ازهد) من الزّهد- بضم أوله وقد تفتح-، وهو- لغة-: الإعراض عن الشيء احتقارا له، وشرعا-: الاقتصار على قدر الضّرورة من المال المتيقّن الحلّ فهو أخصّ من الورع؛ إذ هو ترك الحرام والمشتبه. (في الدّنيا) باستصغار جملتها واحتقار جميع شأنها لتحذير الله تعالى منها؛ أي: أعرض عنها بقلبك ولا تحصّل منها إلّا ما تحتاج إليه، فإنّك إن فعلت ذلك (يحبّك) - بفتح الباء المشددة- (الله) تعالى لكونك أعرضت عمّا أعرض عنه؛ ولم ينظر إليه منذ خلقه، ولأنّ الله تعالى يحبّ من أطاعه، وطاعته تعالى لا تجتمع مع محبة الدّنيا، كما دلّت عليه النصوص والتجربة والتواتر؛ لأنّ «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة» ، والله لا يحبّ الخطايا ولا أهلها.
(وازهد فيما في أيدي النّاس) ؛ أي: فيما عندهم من الدنيا (يحبّك) - بفتح الموحدة المشددة- (النّاس» ) لأنّ قلوبهم مجبولة على حبّها مطبوعة عليها.