٨١- ( «بعثت بمداراة) - بلا همز- (النّاس» ) : كلين الكلام، وخفض الجناح، وترك الإغلاظ عليهم، والقيام لمن يحصل له حقد إذا لم يقم له، وذلك من أسباب الألفة واجتماع الكلمة وانتظام الأمر، ولهذا قيل: من لانت كلمته وجبت محبته، وحسنت أحدوثته، وظمئت القلوب إلى لقائه، وتنافست في مودته.
والمداراة: تجمع الأهواء المتفرقة، وتؤلّف الآراء المتشتتة، وهي غير المداهنة المنهيّ عنها.
والفرق بينهما: أن المداراة بذل الدنيا لسلامة الدين، والمداهنة: بذل الدين لأجل الدنيا، وهي محرمة؛ والمداراة مطلوبة؛ لأنّها من أخلاق المؤمنين. ولذا لما طرق بعض الناس «١» بابه صلى الله عليه وسلّم فسأل عنه؛ فقيل له: فلان، فقال: بئس أخو العشيرة، فلما فتح له ودخل عظّمه وفرش له رداءه، وأظهر له البشر؛ فلما ذهب الرجل قيل له: كيف ذلك؟ قال:«إنّا لنبشّ في وجوه قوم- أي: لأجل التأليف- وقلوبنا تلعنهم» أي: لعلمنا بنفاقهم-: أي: تلعنهم ما داموا لم يرجعوا للحقّ.
انتهى (شروح «الجامع الصغير» ) .
والحديث أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما بإسناد ضعيف؛ كما قاله العزيزي.
٨٢- ( «البلاء موكّل بالمنطق» ) قال الديلمي: البلاء: الامتحان والاختبار، ويكون حسنا ويكون سيئا، والله يبلو عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره، ويبلوه بما يكره ليمتحن صبره.
ومعنى الحديث: أنّ العبد في سلامة ما سكت، فإذا تكلم عرف ما عنده بمحنة
(١) هو السيد المطاع: الأقرع بن حابس كما سيأتي في الجزء الرابع.