٣- وأن يكره أن يعود في الكفر- بعد إذ أنقذه الله منه- كما يكره أن يلقى في النّار» .
وإذا أحبّه وصحبه؛ لأنه يعينه على دنياه الّتي يستعين بها على أخراه؛ فقد أحبّه في الله تعالى.
وإذا أحبّه وصحبه؛ لأنه وجد طبعه يميل إليه ونفسه تأنس به، أو لأنّه يعينه على دنياه وأسباب معاشه الّتي يتمتع بها؛ فتلك محبّة طبيعية ليست من المحبة لله في شيء، وتلك صحبة نفسانيّة اقتضاها ميل الطّبع، ولكنّها مباحة، ولعلّها لا تخلو من خير إن شاء الله تعالى.
وأمّا إذا أحبّه وصحبه؛ لأنّه يعينه على المعصية والظلم ويساعده على أسباب الفسق والمنكر؛ فتلك محبّة وصحبة مذمومة قبيحة، وهي في سبيل الشيطان، وليست من الله في شيء، وهي التي تنقلب في الآخرة عداوة، وربما انقلبت في الدنيا قبل الآخرة. قال الله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧)[الزخرف] انتهى كلام الحداد.
(و ٣- أن يكره أن يعود في الكفر) ؛ أي: يصير إليه، واستعمال العود بمعنى الصيرورة غير عزيز. (بعد إذ أنقذه الله) ؛ أي: نجّاه (منه) بالإسلام؛ إن كان كافرا، وبأن خلقه من أمّة الإجابة؛ إن كان مسلما أصالة. قاله:«الحفني على الجامع»
(كما يكره أن يلقى) - بالبناء للمفعول- (في النّار» ) لثبوت إيمانه، وتمكّنه في جنانه.
والحديث أخرجه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم في «كتاب الإيمان» ، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه.
قال النووي رحمه الله تعالى: هذا حديث عظيم، أصل من أصول الإسلام.