وما يعده الإنسان من مفاخره، والمعنى: إنّ الفقير ذا الحسب لا يوقّر ولا يحتفل به، والغنيّ الذي لا حسب له يوقّر ويجلل في العيون؛ وقال العامري في شرح الشهاب: أشار بالخبر إلى أن الحسب الذي يفتخر به أبناء الدنيا اليوم المال، فقصد ذمّهم بذلك حيث أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية، ألا ترى أنه أعقبه بقوله: والكرم التقوى؛ والتقوى تشمل المكارم الدينيّة والشيم المرضيّة التي فيها شرف الدارين. انتهى.
من شروح «الجامع الصغير» .
ومما ينسب للإمام الشافعي- رحمه الله تعالى-:
قيمة المرء فضله عند ذي الفض ... ل وما في يديه عند الرّعاع
فإذا ما حويت علما ومالا ... كنت عين الزّمان بالإجماع
وإذا منهما غدوت خليّا ... صرت في النّاس من أخسّ المتاع
والحديث ذكره في «الجامع الصغير» ؛ مرموزا له برمز الإمام أحمد والترمذي في «التفسير» ، وابن ماجه في «الزهد» ، والحاكم في «النكاح» ؛ عن سمرة بن جندب؛ وقال الترمذي: حسن صحيح؛ وقال الحاكم: على شرط البخاري، وأقرّه الذّهبي.
لكن قيل: إنّه من حديث الحسن عن سمرة؛ وقد تكلموا في سماعه منه. انتهى مناوي على «الجامع الصغير» .
١٠٢- ( «حسبك بالصّحّة) في البدن، (والسّلامة) عن المنغّصات؛ في النفس والأهل والمال (داء قاتلا لابن آدم» ) ، لأنّ ذلك يدعوه إلى الغرور وارتكاب الشّرور، ويورثه البطر والعجب، وينسيه الآخرة، ويحبّب إليه الدّنيا لما يألفه من الشّهوات؛ «وحبّ الدّنيا رأس كلّ خطيّة» ! والتمتّع بالشّهوات المباحات يحجب القلوب عن الآخرة، وكل ذلك يسقم الدين؛ وهو دليل على عدم محبّة الله له، لأنّ المؤمن كخامة الزرع يتكفّؤها البلاء، وإذا أحبّ الله عبدا ابتلاه ليسمع تضرّعه، ويكره العفريت النّفريت الذي لا يمرض ولا يرمد.
فالمؤمن كثير المشوّشات والمنغّصات في بدنه وماله وأهله، فيمرض ويصاب غالبا، ويخلو من ذلك أحيانا ليكفّر عنه سيئاته، ولا يخلو المؤمن من قلّة أو علّة أو ذلّة.
وأمّا دوام السّلامة للعبد فيخشى منه الاستدراج؛ وهو من علامة الكفّار، لأن الغالب